في دلالة الاستثناء على اختصاص الحكم بالمستثنى منه
يحتمل أن يرتبط هذا المعنى بالمنطوق ، ومفهوميّته أمر مشكل ، ومعلوم أنّ الاستثناء من النفي إثبات ، مثل : «ما جاءني القوم إلّا زيدا» ، ومن الإثبات نفي ، مثل : «جاءني القوم إلّا بكرا» ، إنّما الكلام في دلالة الاستثناء على انحصار المجيء بزيد وعدمه في المثال الأوّل وانحصار عدم المجيء ببكر وعدمه في المثال الثاني ، وحكي عن أبي حنيفة إنكار هذه الدلالة ، واستشهد برواية : «لا صلاة إلّا بطهور» ، بأنّ الاستثناء لو كان دالّا على اختصاص الحكم بالمستثنى منه لكان دالّا على أنّ الواجدة للطهور هي الصلاة مطلقا ، وإن كانت فاقدة لما عداه من الأجزاء والشرائط ، فهو باطل قطعا ؛ إذ لا شكّ في انتفاء الصلاة بفقدان ركن من أركانها مع وجود الطهور.
وجوابه : أنّ المستثنى منه هنا هو التامّ الجامع للأجزاء والشرائط إلّا الطهور ، فإنّه إمّا ليس بصلاة أصلا بناء على وضع ألفاظ العبادات للصحيح ، وإمّا ليس بصلاة تامّة بناء على وضعها للأعمّ ، فالمراد من مثله أنّه لا تكون الصلاة التي كانت واجدة لأجزائها وشرائطها المعتبرة فيها صلاة إلّا إذا كانت واجدة للطهارة ، مع أنّ إثبات عدم دلالة الاستثناء على الاختصاص بسبب القرينة لا يقدح في وضع أداة الاستثناء للدلالة عليه ، فالاستعمال مع القرينة كما في المثال لا يدلّ على مدّعاه أصلا.
وقال صاحب الكفاية قدسسره (١) : إنّه لا موقع للاستدلال على المدّعى بقبول رسول الله صلىاللهعليهوآله إسلام من قال كلمة التوحيد ؛ لإمكان دعوى أنّ دلالتها على التوحيد كان بقرينة الحال أو المقال.
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٣٢٦.