تقدير الملازمة لا يبقى للاستصحاب مجال ، وهذا نظير عدم جريان أصالة الحلّيّة في باب الفروج والدماء التي يكون نفس الاحتمال فيها موجب لتنجّز التكليف.
مسألة مقدّمة الواجب والأقوال فيها
هل تتحقّق الملازمة أم لا؟
قال المحقّق الخراساني قدسسره (١) في مقام الاستدلال على تحقّق الملازمة بين وجوب ذي المقدّمة ووجوب المقدّمة : والأولى إحالة ذلك إلى الوجدان حيث إنّه أقوى شاهد على أنّ الإنسان إذا أراد شيئا له مقدّمات أراد تلك المقدّمات أيضا لو التفت إليها ، بحيث ربما يجعلها في قالب الطلب مثله ، ويقول مولويّا : «ادخل السوق واشتر اللحم مثلا» ، بداهة أنّ الطلب المنشأ بخطاب «ادخل» مثل المنشأ بخطاب «اشتر» في كونه بعثا مولويّا ، ولا فرق بينهما إلّا في النفسيّة والغيريّة ، ولا يعقل أن يكون الأمر بدخول السوق أمرا إرشاديّا ، فإنّه في مورد لا يلتفت المكلّف إلى المأمور به مثل أوامر الطبيب ، ولا شكّ في التفات المكلّف هاهنا إلى عدم إمكان شراء اللحم بدون دخول السوق.
ثمّ قال : ويؤيّد الوجدان ـ بل يكون من أوضح البرهان ـ وجود الأوامر الغيريّة في الشرعيّات والعرفيّات ، كالأمر بالوضوء والغسل والأمر بدخول السوق ؛ لوضوح أنّه لا يكاد يتعلّق بمقدّمة أمر غيري إلّا إذا كان فيها مناطه ، وإذا كان فيها كان في مثلها ، فيصحّ تعلّقه به أيضا ؛ لتحقّق ملاك الأمر الغيري ومناطه ، وهو التوصّل إلى ذي المقدّمة.
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٢٠٠.