والتحقيق : أنّ الوجدان ممّا لا يمكن نفيه وإثباته ؛ إذ لا دليل لتحقّق حكمه فيما نحن فيه وعدمه ، بل هو مثل التبادر يدّعي بعض تحقّق الملازمة وجدانا والآخر عدمه وجدانا ، فلا بدّ لنا من التحقيق في الشواهد والقرائن التي ذكرت لتحقّقه.
وما يستفاد من صدر كلامه من أنّ المولى إذا التفت إلى مقدّمة يجعلها متعلّقا للطلب في عرض ذي المقدّمة ، مثل : «ادخل السوق واشتر اللحم» ، وغاية ما يستفاد من ذلك أنّه يمكن للمولى ويجوز له أن يجعل المقدّمات أو بعضها مأمورا به بالأمر المولوي ، وبهذا لا يثبت المدّعى ، فإنّه عبارة عن الملازمة وعدم الانفكاك بين وجوبي المقدّمة وذي المقدّمة ، ومعناها التحتّم لا الجواز والإمكان ، ومعلوم أنّ منكر الملازمة أيضا يقول بهذا المعنى ، وأنّه يمكن له جعل المقدّمة مأمورا بها بالأمر المولوي.
والجواب عمّا ذكره في ذيل كلامه بعنوان التأييد من تعلّق الأوامر الشرعيّة بالمقدّمات : أنّ هذه الأوامر إرشاديّة ، وأمّا في باب المعاملات فقد اعترف صاحب الكفاية قدسسره (١) في مسألة النهي عن المعاملة وهل يقتضي الفساد أم لا؟ بأنّه لا يبعد القول بكون النواهي المتعلّقة بالمعاملات إرشاديّة ، وليس معنى قوله عليهالسلام : «لا تبع ما ليس عندك» (٢) أنّه إذا بعت ما ليس عندك فقد ارتكبت محرّما ، بل معناه أنّه لا يقع صحيحا.
وأمّا في العبادات إذا تعلّق الأمر أو النهي بمجموعة العبادة مثل : «أقيموا الصلاة» و «دعي الصلاة أيّام أقرائك» فلا بحث في ظهورهما في الوجوب
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٢٩٨.
(٢) فقه القرآن ٢ : ٥٨.