الأمر الثالث
الواجب النفسي والغيري
ذكر المحقّق الخراساني قدسسره (١) في ابتداء الأمر تعريفا ثمّ أشكل عليه ، والتزم بعد ذلك بتعريف آخر ، وما ذكره عبارة عن أنّ طلب الشيء وإيجابه حيث لا يكاد يكون بلا داع ـ بعد كونه من الأفعال الاختياريّة للمولى ـ فإن كان الداعي فيه التوصّل به إلى واجب فلا يمكن التوصّل بدونه إليه لتوقّفه عليه ، فالواجب غيريّ ، وإلّا فهو نفسي ، ولا فرق في الواجب النفسي بين محبوبيّته في نفسه كمعرفة الله تعالى ، أو محبوبيّته بما له من فائدة مترتّبة عليه كأكثر الواجبات من العبادات والتوصّليّات.
وتوضيح ذلك : أنّه لا بدّ في الطلب الإنشائي كسائر الأفعال الاختياريّة من الداعي والمحرّك ، ولكنّه على نوعين ؛ إذ الداعي لإيجاب شيء قد يكون مقدّميّة هذا الشيء لواجب آخر وتوقّفه عليه ؛ بحيث إن لم يتحقّق الشيء المذكور لا يتحقّق الواجب ، مثل دخول السوق لشراء اللحم في جملة «ادخل السوق واشتر اللحم» ؛ إذ يتوقّف تحقّق الثاني على الأوّل ، ويسمّى هذا بالواجب
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ١٧١.