الفصل السادس
في أنّه هل يجوز الأمر للآمر مع علمه بانتفاء شرطه أم لا؟
قال المحقّق الخراساني قدسسره (١) بعدم الجواز ، خلافا لأكثر المخالفين ، إنّما الإشكال في أصل محلّ البحث قبل تحقيق المسألة ، ولا شكّ في أنّ كلمة «يجوز» في عنوان المسألة ليس بمعنى الإباحة والجواز الذي يستعمل في لسان الفقهاء ، بل يكون بمعنى الإمكان ، والإمكان على نوعين في مقابل الاستحالة ، يعني : الإمكان الذاتي والإمكان الوقوعي ، في مقابل الاستحالة الذاتيّة والاستحالة الوقوعيّة ، والاستحالة الذاتيّة عبارة عمّا يكون محورا لجميع الاستدلالات في العالم ، والاستحالة الوقوعيّة ترتبط بممكن الوجود ، فإنّه إذا لم تتحقّق علّته يستحيل ويمتنع أن يقع في الخارج وإن كان بحسب الذات ممكنا متساويا النسبة إلى الوجود والعدم ، وإن تحقّقت علّته يجب أن يقع في الخارج ، ولكن يعبّر عنه بواجب الوجود بالغير وممتنع الوجود بالغير.
والبحث في أنّ المراد من الإمكان هل هو الإمكان الوقوعي أو الإمكان الذاتي؟ والظاهر أنّ كليهما لا يخلو من إشكال ؛ إذ البحث عن الإمكان الذاتي لا يكون من شأن الاصولي ، ولا يناسب المباحث الاصوليّة ، بلحاظ ارتباطه
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٢٢٠ ـ ٢٢١.