وتوسعة دائرة الملازمة وعدم محدوديّتها مربوط بالقائل بالملازمة ، فكيف يمكن أن يكون دعوى التوسعة منه مانعا عن تمسّكه بالاستصحاب؟
وجوابه : ما ذكر استاذنا السيّد البروجردي (١) في مقام توجيه كلام صاحب الكفايةقدسسره وهو : أنّ مجرى الاصول العمليّة عبارة عمّا إذا كان الحكم الواقعي مشكوكا وفعليّته مقطوعة العدم على جميع التقادير ، مثلا : نجري أصالة الحلّيّة في صورة الشكّ في حلّيّة شرب الدخانيات وحرمته بحسب الحكم الظاهري ، ونقطع بعدم فعليّة الحرمة الواقعيّة لنا إن كان في الواقع حراما ، فإن لم يكن الحكم الواقعي مقطوع العدم في بعض التقادير فلا يجري الأصل العملي.
وما نحن فيه من هذا القبيل ؛ لأنّ في صورة محدوديّة الملازمة بالحكمين الواقعيّين سلّمنا أنّ الحكم الظاهري حاكم في مرحلة الفعليّة بلحاظ عدم إيصالهما في هذه المرحلة ، وأمّا في صورة توسعة دائرة الملازمة فلا شكّ في فعليّة أحد طرفي الملازمة ـ يعني وجوب ذي المقدّمة ـ وعلى تقدير الملازمة يتحقّق وجوب المقدّمة أيضا في مرحلة الفعليّة ، فلا يمكن للشاكّ أن يقول : إنّا نعلم بعدم الوجوب الفعليّ للمقدّمة مطلقا ، فإنّه عالم بعدم الفعليّة على تقدير عدم الملازمة فقط. ومن البديهي أنّ في صورة العلم بفعليّة وجوب المقدّمة على أحد التقديرين لما صحّ التمسّك بالأصل ، ولا يبقى إشكال بعد هذا التوضيح اللطيف والدقيق.
وملخّص كلامه : أنّ الاصول العمليّة تجري في مورد القطع بعدم فعليّة التكليف الواقعي على تقدير ثبوته ، وهذه الخصوصيّة لا تتحقّق فيما نحن فيه ، فإنّ بعد العلم بفعليّة وجوب ذي المقدّمة والعلم بفعليّة وجوب المقدّمة على
__________________
(١) نهاية الاصول ١ : ١٩٦ ـ ١٩٧.