وثالثا : أنّه يثبت بالاستصحاب أنّ المقدّمة بحسب الحكم الظاهري لا تكون واجبة ، مع أنّ وجوب ذي المقدّمة ـ كالصلاة مثلا ـ ممّا لا شبهة فيه ، وجريان الاستصحاب يوجب التفكيك بينهما من حيث الحكم ، فإن تحقّقت بحسب الواقع بين وجوبهما ملازمة كيف يجتمع هذا مع الاستصحاب الذي ينفيها؟
وأجاب عنه المحقّق الخراساني قدسسره (١) بأنّ دعوى الملازمة إن كان محدودا في وجوبين واقعيّين فلا ينافي الاستصحاب مع الملازمة أصلا ؛ إذ لا مانع من كون الحكم الظاهري مخالفا للحكم الواقعي ، وإن كانت دائرة الملازمة موسّعة وتحقّقت الملازمة بين وجوب ذي المقدّمة ووجوب المقدّمة في مرحلة الفعليّة كتحقّقها في مرحلة الواقع.
قال في متن الكفاية : «لصحّ التمسّك بذلك في إثبات بطلانها» ، أي يصحّ التمسّك بالاستصحاب في إثبات بطلان الملازمة ، ولكنّه في نسخة قال : «لما صحّ التمسّك بالأصل».
ولكنّ التحقيق : أنّ سياق العبارة يقتضي صحّة ما في النسخة ، وأن يكون ما ذكره في الحاشية جزء كلامه ، فإنّ وعاء الملازمة هو الواقع والقائل بها عالم بتحقّقها ، وربما يدّعي شهادة الوجدان عليها ، فكيف يمكن بطلانها بالاستصحاب الذي يكون مجراه عبارة عن الشكّ في الملازمة وعدمها؟! وبالنتيجة لا يصحّ التمسّك بالاستصحاب على القول بالملازمة المطلقة.
وأشكل عليه استاذنا السيّد الإمام قدسسره (٢) بأنّ الاستصحاب وظيفة الشاكّ
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ١٩٣ ـ ١٩٦.
(٢) تهذيب الاصول ١ : ٢١٩.