ولكن أشكل عليه : أوّلا : بأنّ مجرّد تحقّق حالة سابقة عدميّة لا يكفي في جريان الاستصحاب ، ويلزم أيضا أن يكون المستصحب حكما شرعيّا أو موضوعا له ، وهذا الشرط مفقود فيما نحن فيه ، لا بلحاظ أنّ عدم الوجوب ليس بمجعول شرعي ، بل بلحاظ أنّ الملازمة تكون عقليّة وقهريّة بين الوجوبين وليس بمجعول للشارع ؛ إذ لا يكون وجوب المقدّمة نفيا وإثباتا بيد الشارع ، ولا يمكن له أن يقول : أوجبت الصلاة بخلاف مقدّماتها ؛ لأنّ وجوبها أمر قهريّ وممّا لا بدّ منه ، فكيف يجري الاستصحاب؟
وجوابه : أنّ المجعول الشرعي قد يكون بالذات وبلا واسطة ، وقد يكون بالتبع مثل جزئيّة أجزاء المأمور به المركّب ، وما يعتبر في جريان الاستصحاب عبارة عن مطلق المجعول الشرعي ، سواء كان بالذات أم بالتبع ، ولذا يجري استصحاب عدم جزئيّة السورة ـ مثلا ـ بعد الشكّ فيها ، فعلى القول بالملازمة يكون وجوب المقدّمة مجعولا للشارع ولكنّه بالتبع ، ولا إشكال في جريانه من هذه الناحية.
وثانيا : أنّه على القول بعدم ترتّب ثمرة عمليّة على بحث مقدّمة الواجب يرد عليه أنّ الغرض من جريان الاستصحاب وسائر الاصول العمليّة عبارة عن ترتّب ثمرة عمليّة عليها في مقام العمل ، وإن لم تترتّب عليها ثمرة في هذا المقام فلا داعي لجريانها ، فما الذي يترتّب على الاستصحاب هاهنا من الأثر في مقام العمل؟
وجوابه : أنّ هذا الإشكال مبنائي فقد مرّ اختيار ترتّب بعض الثمرات عليه في مقام العمل. وبالنتيجة من نذر إتيان الواجب الشرعي وشكّ في وجوب الوضوء ـ مثلا ـ ويجري الاستصحاب فيه لا يحصل الوفاء بالنذر بإتيانه به.