وفيه ـ مضافا إلى ما عرفت من رجوع الشرط الشرعي إلى العقلي ـ : أنّه لا يكاد يتعلّق الأمر الغيري إلّا بما هو مقدّمة الواجب ، فلو كانت مقدّميّته متوقّفة على تعلّقه بها لدار.
توضيح ذلك : أنّ المراد من قوله : «لما كان شرطا» إن كان عدم الشرطيّة بحسب الواقع ومقام الثبوت ، أي لو لا الوجوب الغيري للوضوء لما كان الوضوء شرطا واقعا ، فمعناه أنّ الشرطيّة الشرعيّة الواقعيّة للوضوء متوقّفة على وجوبه الغيري ، ولا شكّ في أنّ ملاك تعلّق الوجوب الغيري به عبارة عن شرطيّته للصلاة ، وهذا دور واضح.
وإن كان المراد منه عدم الشرطيّة بحسب مقام الإثبات ـ أي لو لا الوجوب الغيري للوضوء ـ لما كان لنا طريق لاستكشاف شرطيّته.
ففيه : أوّلا : أنّ هذا الدليل لا ينطبق على المدّعى ؛ إذ المدّعى عبارة عن تعلّق الوجوب الغيري بالشرائط الشرعيّة بواسطة الملازمة العقليّة ، بخلاف غيرها ، ومفاد الدليل عبارة عن أنّه لا طريق لإثبات الشرطيّة سوى الوجوب الغيري ، والحال أنّا لا نبحث في طرق استكشاف الشرطيّة ، بل نبحث في أنّ بعد إحراز مقدّميّة شيء وشرطيّته هل يلازم وجوب ذي المقدّمة والمشروط مع وجوب المقدّمة والشرط أم لا؟
وثانيا : أنّه يتحقّق لاستكشاف الشرطيّة الشرعيّة طرق متعدّدة ومختلفة ، منها : الأوامر الإرشاديّة ، فقد ذكرنا فيما سبق أنّ الشرائط الشرعيّة والموانع الشرعيّة تستفاد من الأوامر والنواهي الإرشاديّة نوعا ، مثل : «لا تصلّ في وبر ما لا يؤكل لحمه» (١) ، ومثل قوله تعالى : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٣٤٧ ، الباب ٢ من أبواب لباس المصلّي ، الحديث ٧.