بِقَدَرٍ) (٤٩) [القمر]فهو يجوز فيه الرفع (١) ، وهي اللغة الكثيرة ؛ غير أنّ الجماعة اجتمعوا على النصب (٢) ، وربّما اجتمعوا على الشيء ، كذلك ممّا يجوز ، والأصل غيره. لأنّ قولك : «إنّا عبد الله ضربناه» ، مثل قولك «عبد الله ضربناه» ، لأنّ معناهما في الابتداء سواء. قال الشاعر (٣) [من المتقارب وهو الشاهد الرابع والخمسون] :
فأمّا تميم بن مرّ |
|
فألفاهم القوم روبى نياما |
وقال (٤) [من الطويل وهو الشاهد الخامس والخمسون] :
إذا ابن أبي موسى بلال بلغته |
|
فقام بفأس بين وصليك جازر |
ويكون فيهما النصب. فمن نصب (وأمّا ثمود) ، نصب على هذا.
وأمّا قوله تعالى (يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) (٣١) [الإنسان] وقوله (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها) (٢٧) [النازعات] ثم قال (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) (٣٠) [النازعات] وقال (الرَّحْمنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيانَ) (٤) [الرحمن] ثم قال (وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ) (٧) [الرحمن] وقال (وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً) (٣٩) [الفرقان] فهذا ، إنّما ينصب ؛ وقد سقط الفعل على الاسم بعده ، لأنّ الاسم الذي قبله قد عمل فيه ، فأضمرت فعلا ، فأعملته فيه ، حتّى يكون العمل من وجه واحد. وكان ذلك أحسن ، قال الشاعر [من الوافر وهو الشاهد السادس والخمسون] :
نغالي اللّحم للأضياف نيئا |
|
ونرخصه إذا نضج القدور (٥) |
يريد «نغالي باللّحم» فإن قلت
__________________
(١). هي قراءة نسبت في الشواذ ١٤٨ ، والمحتسب ٢ : ٢٠٠ ، والجامع ١٧ : ١٤٧ ، إلى أبي السمال ؛ وفي البحر ٨ : ١٨٣ زاد عن ابن عطية قوما من أهل السنة.
(٢). في القرطبي ١٧ : ١٤٧ الى الجماعة ، وفي البحر ٨ : ١٨٣ الى الجمهور.
(٣). هو بشر بن أبي خازم الأسدي. انظر ديوانه ١٩٠ والكتاب ١ : ٤٢ ، والصحاح «روب».
(٤). هو ذو الرّمّة غيلان ؛ انظر ديوانه ٢ : ١٠٤٢ ؛ والكتاب ١ : ٤٢ ، ومعاني الفراء ١ : ٢٤١ ب «أتيته».
(٥). في معاني القرآن ٢ : ٣٨٣. وفي التهذيب «غلا» ب «تغالى» و «تبذله» ، وأساس البلاغة «غ ل و» واللسان «غلا» ، ب «التقدير» ، وشرح الأبيات للفارقي ٢٤ و ٢٠١ ب «نبذله» ، والصحاح «غلا» ؛ وفيها كلها بلا عزو.