القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب ، إلى غير هذا من أنواع البرّ ، ثم مدح من جمع ذلك كله فقال : (أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) (١٧٧).
حكم القصاص
الآيتان [١٧٨ ـ ١٧٩]
ثم قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى) [الآية ١٧٨] ، فشرع في بيان الأحكام التي أراد ذكرها في هذه السورة ، وذلك بعد أن حاجّ اليهود ، ومهّد لذلك بأنّ المهم هو ما جاء به القرآن من الأحكام ، لا ما تعلّقوا به من أمر القبلة ونحوه ، ولا شك أنّ في هذا ما تستشرف به النفس لبيانها ، وتتطلّع إلى معرفة بعضها ، وقد بدأ منها بحكم القصاص الذي يراد به حفظ النفس ، وهو من أهم أغراض الشرائع. وقد كان اليهود يوجبون فيه القتل فقط ، وكان العرب لا يقتصرون على قتل القاتل ، فأتى الإسلام فيه بالقصاص العادل ، وندب إلى أخذ الدّية والعفو عن القاتل ، ثم ختمه بما في القصاص من الفوائد العظيمة (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (١٧٩).
حكم الوصية
الآيات [١٨٠ ـ ١٨٢]
ثم قال تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) (١٨٠) وكانوا قبل الإسلام يوصون للأبعدين طلبا للفخر والشرف ، ويتركون الأقارب في الفقر والمسكنة ، فجعل الوصية لهم لأنّهم أولى بمال قريبهم. ثم حذّر من تبديل الوصية إلّا إذا كان فيها جنف أو إثم (فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١٨٢).
حكم الصيام
الآيات [١٨٣ ـ ١٨٧]
ثم قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (١٨٣) فذكر أنّه أوجب عليهم الصوم كما أوجبه على الذين من قبلهم ، وأنه في شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ؛ وأوجب الفدية على من لا يطيق الصوم فيه لمرض أو نحوه ، وندب إلى إحيائه بالتكبير والذكر والدعاء ، ثم ذكر أنه أحلّ لهم ليلة الصيام الرفث والأكل