المبحث السابع
لكل سؤال جواب في سورة «الفاتحة» (١)
إن قيل : الرحمن أبلغ في الوصف بالرحمة من الرحيم ، بالنقل عن الزّجّاج وغيره ، فلم قدّمه؟ وعادة العرب من صفات المدح الترقّي من الأدنى إلى الأعلى ، كقولهم : فلان عالم نحرير ، لأنّ ذكر الأعلى أولا ثمّ الأدنى لا يتجدّد فيه بذكر الأدنى فائدة ، بخلاف عكسه؟
قلنا : قال الجوهري وغيره : إنهما بمعنى واحد كنديم وندمان ، فعلى هذا لا يرد السؤال. وعلى القول الأول إنما قدّمه ، لأن لفظ الله اسم خاص بالباري تعالى لا يسمّى به غيره ، لا مفردا ولا مضافا فقدّمه ، والرّحيم يوصف به غيره مفردا ومضافا فأخّره ، والرحمن يوصف به غيره مضافا ، ولا يوصف به مفردا إلا الله تعالى ، فوسّطه.
قلنا : الواو لا تدل على الترتيب ، أو المراد بهذه العبادة التوحيد ، وهو مقدّم على أداء العبادات.
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.