المبحث الثامن
المعاني المجازية في سورة «الفاتحة» (١)
قوله سبحانه : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ).
استعارة على أحد التأويلين ، لأنّ الصراط في أصل اللغة اسم للطريق. وهو هاهنا كناية عن الدّين ، لأن الدين مؤدّ إلى استيجاب الثواب واستدفاع العقاب ، فهو كالنهج المسلوك إلى مظنّة (٢) النجاة والسلامة ، ودار الأمن والإقامة. ولما جعل سبحانه الدّين ، كالطريق القاصد ، والمنهج الواضح ، أقام إرشاده إليه ودلالته عليه ، مقام الدليل يدل على السّمت (٣) ، والهادي الذي يهدي إلى القصد ، فقال سبحانه : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) (٦).
والتأويل الثاني في الصراط ، يخرج الكلام عن حيّز الاستعارة ، وهو أن يكون المراد به المجاز المسلوك الى الجنّة والنّار ، على ما جاءت به الأخبار ؛ فكأنهم سألوه سبحانه توفيقهم منجاته (٤) ومأمنه.
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «تلخيص البيان في مجازات القرآن للشريف الرضي» ، تحقيق محمد علي مقلد ، دار مكتبة الحياة ، بيروت ، ١٩٦٨.
(٢). من ظن ؛ مظنّة الشيء : موضعه ومألفه الذي يظن فيه وجوده.
(٣). من سمت : لزم السّمت : أي الطريق ؛ سار على الطريق بالظن. ومنه قوله : وهنّ إلى البيت سوامت : أي قواصد.
(٤). وجدت غير واضحة في الأصل.