مِنْكُمْ فَآذُوهُما) [النساء : ١٦] ، فقد يجوز أن يكون هذا خبر المبتدأ ، لأنّ «الذي» إذا كان صلته فعل ، جاز أن يكون خبره بالفاء ، نحو قول الله عزوجل (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) [النساء : ٩٧] ثم قال ، في الآية نفسها : (فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ) [النساء : ٩٧].
باب الواو
أمّا قوله تعالى (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ) [الآية ٤٥] ، فلأنّه حمل الكلام على «الصلاة». وهذا كلام منه ما يحمل على الأوّل ، ومنه ما يحمل على الاخر. وقال أيضا (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) [التوبة : ٦٢] فهذا يجوز على الأوّل والاخر ؛ وأقيس هذا ، إذا ما كان بالواو ، أن يحمل عليهما جميعا. تقول : «زيد وعمرو ذاهبان». وليس هذا مثل «أو» ، لأنّ «أو» إنّما يخبر فيه عن أحد الشيئين. وأنت في «أو» بالخيار ، إن شئت جعلت الكلام على الأوّل ، وإن شئت على الاخر ؛ وأن تحمله على الاخر أقيس ، لأنّك إن تجعل الخبر على الاسم الذي يليه الخبر ، فهو أمثل من أن تجاوزه الى اسم بعيد منه. قال تعالى (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها) [الجمعة : ١١] ، فحمله على الأول ؛ وقال في موضع آخر (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ) [القصص : ٧٣] وقال (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً) [النساء : ١١٢] فحمله على الاخر. قال الشاعر [من البسيط وهو الشاهد الثامن والخمسون] :
أمّا الوسامة أو حسن النّساء فقد |
|
أوتيت منه لو أنّ العقل محتنك |
وقال ابن أحمر (١) [من الطويل وهو الشاهد التاسع والخمسون] :
رماني بداء (٢) كنت منه ووالدي |
|
بريئا ومن أجل (٣) الطويّ رماني |
__________________
(١). انظر ترجمته فيما سبق ، وفي مجاز القرآن ٢ : ١٦١ نسب البيت إلى الأزرق بن طرفة بن العمرّد الفراصي الباهل.
(٢). في الكتاب ١ : ٣٨ ، ومجاز القرآن ٢ : ١٦١ ، ومعاني القرآن ١ : ٤٥٨ ، والصحاح «جول» ، وإعراب القرآن للزجاجي ٢ : ٦١١ ، ب «بأمر» بدل «بداء».
(٣). في تحصيل الشّنتمري ١ / ه ٣٨ ، ومعاني القرآن ، والصحاح ، وإعراب القرآن للزّجاجي «كما سبق» ب «جول» بدل «أجل» وفي مجاز القرآن كما سبق ب «دون» بدل «أجل».