(مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ) [الآية ٢٤٠] ، فذكر أنّ الذين يتوفون منهم عليهم الوصية لأزواجهم بنفقة الحول وسكناه ، فإن خرجن قبل ذلك بعد أن يقمن المدة التي ضربها الله لهنّ فيما سبق فلا حرج عليهنّ فيما فعلن في أنفسهنّ من معروف أي نكاح صحيح ، وكانوا في الجاهلية يوجبون عليهنّ القيام بهذه الوصية.
حكم نفقة المطلقات
الآيتان : [٢٤١ ـ ٢٤٢]
ثم قال تعالى : (وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) (٢٤١) والمراد بالمتاع هنا نفقتهنّ مدة العدّة ، وقد جعل ذلك حقا على المتّقين (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (٢٤٢).
الترغيب في الجهاد
بالنفس والمال
الآيات [٢٤٣ ـ ٢٨٤]
ثم قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) (٢٤٣) ، فأخذ يرغب في الجهاد بالنفس والمال بعد أن أذن للمسلمين فيه وفرضه عليهم ، وقد مهّد لذلك بذكر قصة تدل على أنّ الحذر من الموت لا يفيد ، لأنّ الحذر من الموت هو الذي يخوّفهم من الجهاد ؛ فذكر قصة الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت ، وهم قوم من بني إسرائيل أمروا بالقتال فتقاعسوا خوفا على أنفسهم ، فأرسل الله عليهم وباء قضى على كثير منهم ، فاعتبر به من نجا وجاهد في سبيل الله شكرا له على نجاته ؛ ثم أمر المسلمين بالقتال في سبيله بعد هذا التحذير ، ووعد من ينفق منهم شيئا فيه بأن يضاعفه له أضعافا كثيرة.
ثم ذكر لهم قصة ثانية تقتلع (١) خوف الجهاد من نفوسهم لقلّة عددهم ، وتشتمل على عظات تنفعهم في جهادهم ، وهي قصة بني إسرائيل حين طلبوا من نبيهم صموئيل أن يبعث لهم ملكا يقاتلون تحت رايته ، فلمّا كتب
__________________
(١). ويجوز أن تكون هذه القصة تفصيلا للقصة الأولى.