المبحث الثاني
ترابط الآيات في سورة «البقرة» (١)
تاريخ نزولها ووجه تسميتها
نزلت سورة البقرة بعد سورة المطفّفين ، وهي أوّل سورة نزلت بالمدينة ، وأطول سورة في القرآن ، فيكون نزولها فيما بين الهجرة وغزوة بدر.
وقد سمّيت هذه السورة بهذا الاسم لأنّ قصة بقرة بني إسرائيل ذكرت فيها ، وتبلغ آياتها ستا وثمانين ومائتي آية.
الغرض منها وترتيبها
لما هاجر النبيّ (ص) إلى المدينة ، أظهر له أحبار اليهود فيها العداوة بغيا وحسدا ، ومال إليهم المنافقون من الأوس والخزرج ، فكان أولئك الأحبار يسألونه ويتعنّتونه ويأتونه باللّبس ليلبسوا الحق بالباطل ، فنزلت سورة البقرة في أولئك الأحبار وفي ما يسألون عنه ، وفي أولئك المنافقين الذين مالوا إليهم ، وفي ما نزل من أحكام العبادات والمعاملات بعد استقرار الإسلام بالمدينة ، وبعد أن صار بها للمسلمين جماعة تحتاج إلى هذه الأحكام في أمر دينها ودنياها.
فيكون الغرض المقصود من هذه السورة الرد على أولئك الأحبار ومن مال إليهم من المنافقين ، وبيان فساد ما شغبوا به في أمر القرآن ، وفي أمر النّبيّ (ص) ، وقد جرّ هذا إلى ذكر كثير من أمورهم ، بعضها جرى مجرى الترغيب ، بعضها مجرى الترهيب ، ثم
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفني في القرآن» ، للشيخ عبدا المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز ـ المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، القاهرة ، غير مؤرّخ.