وقال تعالى (وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) [الآية ٥١] أي : واعدناه انقضاء أربعين ليلة ، أي : رأس الأربعين ، كما قال أيضا (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف : ٨٢] وهذا مثل قولهم «اليوم أربعون يوما منذ خرج» و «اليوم يومان» أي : «اليوم تمام الأربعين» و «تمام يومين» (١).
باب أهل وآل
وقوله تعالى (مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ) [الآية ٤٩] ، فإنّما حدّث عمّا كانوا يلقون منهم. و (يَسُومُونَكُمْ) في موضع رفع ، وإن شئت جعلته في موضع نصب على الحال ، كأنه (٢) يقول «وإذ نجّيناكم من آل فرعون سائمين لكم» والرفع على الابتداء.
وأمّا «آل» ، فإنها تحسن إذا أضيفت الى اسم خاصّ ، نحو : «أتيت آل زيد» ، و «أهل زيد» ، و «أهل مكة» و «آل مكة» ، و «أهل المدينة» ، و «آل المدينة» ،. ولو قلت : «أتيت آل الرجل» و «آل المرأة» لم يحسن ، ولكن : «أتيت آل الله» وهم ، زعموا ، أهل مكة.
وليس «آل» ، بالكثير في أسماء الأرضين وقد سمعنا من يقول ذلك (٣). وإنّما هي همزة ، أبدلت مكان الهاء ، مثل «هيهات» و «أيهات» (٤).
(وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ) [الآية ٥٠] أي فرقنا بين الماءين حين مررتم فيه.
وأمّا قوله تعالى (بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ) [الآية ٥٤] ، فانتصب (الْعِجْلَ) ، لأنّه مفعول به ، تقول : «عجبت من ضربك زيدا». وقوله (بارِئِكُمْ) مهموز لأنه من «برأ الله
__________________
(١). في إعراب القرآن ١ : ٤٧ ، والجامع ١ : ٣٩٥ ، والبحر ١ : ١٩٩ نقلت هذه الآراء ، مع هذه الأمثلة للأخفش ونسبت إليه.
(٢). عبارة الأخفش في الرفع والنصب بنصها ، في إعراب القرآن ١ : ٤٦ ، والجامع ١ : ٣٨٤.
(٣). نقل عن الأخفش في إعراب القرآن ١ : ٤٦ ، والجامع ١ : ٣٨٢ ، والبحر ١ : ١٨٨ ، آراؤه في هذا اللفظ بعبارات تغاير هذه ولعلّها منقولة من كتاب آخر له وفي الموضعين الأوّلين ينكر الكسائي استعمال «ال» في البلدان.
(٤). أشير في الإبدال والمعاقبة ٢٩ وما بعدها ، إلى الإبدال في هاتين اللفظتين «أهل» و «هيهات». وفي الإبدال ٢ : ٥٧١ إلى ثانيهما ؛ وفي اللهجات العربية ٤٩١ أنّ طيّئا كانت تبدل الهمزة هاء في «إن» الشرطية وهمزة النداء ؛ وأنّ اللغة الجنوبية ، كانت تبدل الهمزة هاء ؛ وفي الجامع نسب الرأي إلى النحاس ١ : ٣٨٣.