عمر (١) أنّه سمع الأعراب ينشدونه هكذا بالنصب ، ومنهم من يرفع ما ينصب في هذا الباب. قال أبو زبيد (٢) [من الطويل وهو الشاهد المائة] :
أغار وأقوى ذات يوم وخيبة |
|
لأوّل من يلقى وغيّ ميسّر (٣) |
باب اللام
وقوله تعالى (لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً) [الآية ٧٩] ، فهذه اللّام إذا كانت في معنى «كي» ، كان ما بعدها نصبا على ضمير «أن» ، وكذلك المنتصب ب «كي» ، هو أيضا على ضمير «أن» ، كأنّه يقول : «الاشتراء» ، ف «يشتروا» لا يكون اسما إلّا ب «أن» ، ف «أن» مضمرة وهي الناصبة ، وهي في موضع جرّ باللام. وكذلك (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً) [الحشر : ٧] «وأن» مضمرة ، وقد جرّتها «كي» ، وقالوا : «كيمه» ، ف «مه» اسم ، لأنّه «ما» التي في الاستفهام ، وأضاف «كي» إليها. وقد يكون «كي» بمنزلة «أن» ، هي الناصبة وذلك قوله تعالى (لِكَيْلا تَأْسَوْا) [الحديد : ٢٣] فأوقع عليها اللام. ولو لم تكن «كي» وما بعدها اسما لم تقع عليها اللام ، وكذلك ما انتصب بعد «حتّى» ، إنّما انتصب بإضمار «أن» ، قال تعالى (حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ) [الرعد : ٣١] ، و (حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) [الآية ١٢٠] ، إنّما هو «حتّى أن يأتي» و «حتّى أن تتبّع» ، وكذلك جميع ما في القرآن من «حتّى». وكذلك (وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ) [الآية ٢١٤] أي : «حتّى أن يقول ،» لأنّ «حتّى» في معنى «إلى» ، تقول «أقمنا حتّى الليل» أي : «إلى اللّيل». فإن قيل : إظهار «أن» هاهنا قبيح ، قلت : «قد تضمر أشياء يقبح إظهارها إذا كانوا يستغنون عنها». ألا ترى أنّ قولك : «إن زيدا ضربته» ، منتصب بفعل مضمر لو أظهرته لم يحسن. وقد قرئت هذه الآية
__________________
(١). هو عيسى بن عمر الثقفي ، وقد مرت ترجمته قبلا.
(٢). هو أبو زبيد حرملة بن المنذر الطائي المتوفّى من زمن عثمان ، انظر ترجمته وأخباره في الأغاني ٤ : ١٨١ و ١١ : ٢٤ ، والشعر والشعراء ٣٠١ ، وطبقات الشعراء ٥٩٣.
(٣). البيت في الديوان ٦١ ب «اقام» بدل أغار وب «شرّ» بدل «غيّ» ، وفي المخصّص ١٢ : ١٨٤ ب «أقام» بدل «أغار» ، وفي الكتاب وتحصيل عين الذهب ١ : ١٥٧ ، كما في المخصّص.