(وزلزلوا حتّى يقول الرّسول) (١) يريد : «حتّى الرّسول قائل» ، جعل ما بعد «حتّى» مبتدأ. وقد يكون ذلك نحو قولك : «سرت حتّى أدخلها» ، إذا أردت : «سرت فإذا أنا داخل فيها» ، و «سرت» أمس حتّى أدخلها اليوم» ، أي : حتّى «أنا اليوم أدخلها فلا أمنع». وإذا كان غاية للسير نصبته. وكذلك ما لم يجب ، ممّا يقع عليه «حتّى» نحو (لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً) (٦٠) [الكهف] وأمّا (وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ) [الحج : ٤٧] فنصب ب «لن» كما نصب ب «أن» وقال بعضهم : إنّما هي «أن» جعلت معها «لا» كأنه يريد «لا أن يخلف الله وعده» فلمّا كثرت في الكلام حذفت ، وهذا قول ، وكذلك جميع «لن» في القرآن. وينبغي لمن قال ذلك القول أن يرفع «أزيد لن تضرب» لأنّها في معنى «أزيد لا ضرب له». وكذلك ما نصب ب «إذن» تقول : «إذن آتيك» تنصب بها كما تنصب ب «أن» وب «لن» فإذا كان قبلها الفاء أو الواو رفعت ، نحو قول الله عزوجل (وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً) (١٦) [الأحزاب] وقوله (فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً) (٥٣) [النساء] وقد يكون هذا نصبا أيضا عنده على إعمال «إذن». وزعموا أنّه في بعض القراءة منصوب (٢) ؛ وإنّما رفع ، لأنّ معتمد الفعل صار على الفاء والواو ، ولم يحمل على «إذن» ، فكأنه قال : «فلا يؤتون الناس إذا نقيرا» و «ولا تمتّعون إذن». وقوله تعالى (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ) [الحديد : ٢٩] و (وحسبوا ألّا تكون فتنة) (٣)
__________________
(١). هي في معاني القرآن : ١ : ١٣٢ إلى مجاهد وبعض أهل المدينة ، وفي ١ : ١٣٣ أنّها للكسائي دهرا ، ثمّ عاد عنها إلى النّصب. وفي الكشف ١ : ٢٨٩ و ٢٩٠ و ٢٩١ إلى نافع والأعرج ومجاهد وابن محيصن وشيبة ، وفي التيسير ٨٠ ، والجامع ٣ : ٣٤ ، والبحر ٢ : ١٤٠ ، إلى نافع. أمّا الرفع فهو في معاني القرآن ١ : ١٣٣ إلى القرّاء عدا نافعا والكسائي في أوّل أمره ، وفي السبعة ١٨١ كذلك ، وفي الكشف ١ : ٢٩١ إلى الحسن وأبي جعفر وابن أبي إسحاق وشبل وغيرهم ، وقال إنّ عليه جماعة القرّاء ، وفي البحر ٢ : ١٤٠ إلى الجمهور ، وفي التيسير ٨٠ ، والجامع ٣ : ٣٤ إلى غير نافع.
(٢). في معاني القرآن ٢ : ٣٣٧ ذكر النصب ، ولم ينسب قراءة ، وفي الطّبري ٢١ : ١٣٨ كذلك ، وفي الجامع ١٤ : ١٥١ ذكرت القراءة ، ولم تنسب.
(٣). المائدة ٥ : ٧١ القراءة المشهورة : (أَلَّا تَكُونَ).