«أمّا التي في «يوسف» فيعني بها «مصر» ، بعينها ، والتي في «البقرة» ، يعني بها مصرا من الأمصار.
وأما قوله تعالى (وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ) [الآية ٦١] فمعنى باؤوا : «رجعوا به» أي صار عليهم ، وتقول «باء بذنبه يبوء بوءا» (١). وقال تعالى (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ) [المائدة : ٢٩] مثله.
باب من تفسير الهمز
أمّا قوله تعالى (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ) [الآية ٦١] و (وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ) [آل عمران : ١١٢] كل ذلك جماعة العرب تقوله.
ومنهم ، من يقول «النّبآء» ، أولئك الذين يهمزون «النبيء» ، فيجعلونه مثل «عريف» و «عرفاء» (٢). والذين لم يهمزوه ، مثل بنات الياء ، فصار مثل «وصيّ» و «أوصياء» ، ويقولون أيضا : «هم وصيّون». وذلك أنّ العرب تحوّل الشيء من الهمزة حتّى يصير كبنات الياء (٣) ، ويجتمعون على ترك همزة نحو «المنسأة» ولا يكاد أحد يهمزها ، إلّا في القرآن ، فإنّ أكثرهم قرأها بالهمز وبها نقرأ (٤) ، وهي من «نسأت». وجاء ما كان من «رأيت» ، على «يفعل» أو «تفعل» أو «نفعل» أو «أفعل» غير مهموز ، وذلك أنّ الحرف الذي كان قبل الهمزة ، ساكن ، فحذفت الهمزة وحرّك الحرف الذي قبلها بحركتها كما تقول : «من أبوك» (٥).
__________________
(١). في الصحاح (بوء) نقلت هذه الجمل والعبارات منسوبة الى الأخفش.
(٢). أشار الى هذه اللغة في البيان ١ : ٨٧ و ٨٨ ولم يحدّد. وهم أهل مكّة «اللسان نبأ» وبعض أهل المدينة في القراءة «اللسان نبا» واللهجات العربية ٢٦١.
(٣). قراءة النبيئين بالهمز في الشواذ ٥٧ بلا نسبة ، وفي الجامع ١ : ٤٣١ الى نافع.
(٤). سبأ ٣٤ : ١٤ وهي في معاني القرآن ٢ : ٣٥٦ إلى عاصم والأعمش ، وفي الطبري ٢٢ : ٧٤ الى عامّة قرّاء الكوفة ، وفي السبعة ٥٢٧ والكشف ٢ : ٢٠٣ الى غير نافع وأبي عمرو ، وزاد في الاستثناء في التيسير ١٨٠ والجامع ١٤ : ٢٧٩ ابن ذكوان ، وفي البحر ٧ : ٦٢٧ الى ابن ذكوان والوليد بن عتبة والوليد بن سلم وسائر السّبعة إلّا نافعا وأبا عمرو ، وأمّا قراءة الألف بلا همزة فهي في معاني القرآن ٢ : ٣٥٦ إلى أهل الحجاز والحسن وأبي عمرو وأنها لغة قريش ، وفي الطبري ٢٢ : ٧٣ إلى عامّة قرّاء أهل المدينة وبعض أهل البصرة ، وفي السبعة ٥٢٧ والكشف ٢ : ٢٠٣ والتيسير ١٨٠ والجامع ١٤ : ٢٧٩ والبحر ٧ : ٢٦٧ الى نافع وأبي عمرو ، وفي المحتسب ٢ : ١٨٧ الى أبي عمرو وابن أبي إسحاق في ثاني قراءتيه.
(٥). في اللسان «حرف الهمزة» قالوا. لا بالك ولاب لغيرك ولاب لشائنك. ولم يبيّن لغة من هي؟