يا خاتم النّبآء إنّك مرسل |
|
بالحقّ كلّ هدى السّبيل هداكا (١) |
وأمّا قوله تعالى (بِما عَصَوْا) [الآية ٦١] فجعله اسما هنا كالعصيان يريد : بعصيانهم ، فجعل «ما» و «عصوا» اسما.
وقوله تعالى (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ) [الآية ٦٣] فهذا على الكلام الأوّل ، كأنّه «أذكروا إذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطّور خذوا» ثم : «فقلنا لكم» : «خذوا» (٢). كما تقول : «أوحيت إليه : قم» ، كأنّه يقول : «أوحيت إليه ، فقلت له : «قم» وكان في قولك : «أوحيت إليه» دليل على أنّك قد قلت له.
وأمّا قوله تعالى (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ) [الآية ٦٥] كأنّه يقول : «ولقد عرفتم» كما تقول : «لقد علمت زيدا ولم أكن أعلمه» (٣). وقال تعالى (وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ) [الأنفال : ٦٠] كأنّه يقول : «يعرفهم». وقال تعالى (لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ) [التوبة : ١٠١] أي : لا تعرفهم نحن نعرفهم. وإذا أردت العلم الاخر قلت : «قد علمت زيدا ظريفا» لأنّك تحدّث عن ظرفه. فلو قلت : «قد علمت زيدا» لم يكن كلاما.
وأمّا قوله تعالى (كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) (٦٥) فلأنّك تقول : «خسأته» فخسئ» «يخسأ خسأ (٤) شديدا» ف «هو خاسئ» و «هم خاسئون».
وأمّا قوله تعالى (فَجَعَلْناها نَكالاً) [الآية ٦٦] ، فتكون على القردة ، وتكون على العقوبة ، التي نزلت بهم ، فلذلك أنّثت.
وأما قوله تعالى (أَتَتَّخِذُنا هُزُواً) [الآية
__________________
(١). ديوانه ٩٥ والكتاب ٢ : ١٢٦.
(٢). في إيضاح الوقف ١ : ٥١٩ ، وإعراب القرآن ١ : ٥٤ ، أفيد هذا الرأي ، ونسب بعبارة مقاربة.
(٣). في إعراب القرآن ١ : ٥٤ ، والجامع ١ : ٤٣٩ ، أفيدت هذه الآراء منسوبة إلى الأخفش.
(٤). هكذا وردت الأمثلة الفعلية تحمل بابين للفعل ، يبدو منهما أنّ المتعدي يصاغ من باب «فتح» ، واللازم المطاوع من باب «فرح».