إن مسألة عمل القاضي بالظنّ في الطريق مغايرة لمسألتنا ، من جهة أنّ الشارع لم يلاحظ الواقع في نصب الطريق وأعرض عنه ، وجعل مدار قطع الخصومة على الطرق التعبّديّة ، مثل الاقرار والبيّنة واليمين والنكول والقرعة وشبهها ، بخلاف الطرق المنصوبة للمجتهد على الأحكام الواقعيّة ، فانّ الظاهر إن مبناها على الكشف الغالبي عن الواقع ، ووجه تخصيصها
______________________________________________________
المفتي والقاضي وهو (إنّ مسألة عمل القاضي بالظّن في الطريق ، مغايرة لمسألتنا) من إعمال المجتهد الظّنّ في الطريق ، وهذه المغايرة (من جهة انّ الشارع لم يلاحظ الواقع في نصب الطريق وأعرض عنه) أي : عن الواقع (وجعل مدار قطع الخصومة على الطرق التعبديّة).
وإنّما أعرض الشّارع عن الواقع ـ مع انّ الواقع هو المناط ـ لجهة مسألة الأهم والمهم ، فقد عرفت : إنّه إذا وكلّ الشّارع الأمر الى الواقع اضطرب القضاء ، لاختلاف آراء القضاة المتعددين ، بل القاضي الواحد في قضايا متعددة ، فتارة يحكم هكذا ، وأخرى يحكم ضده ، بخلاف ما إذا عبّد الشارع القاضي بالطرق الخاصة (مثل الاقرار ، والبيّنة ، واليمين ، والنّكول ، والقرعة ، وشبهها) كالقسامة في باب القتل ، وكذلك في كون الاعتبار بتعدد الجناة لا بتعدد الجنيات وهكذا.
وهذا (بخلاف الطرق المنصوبة للمجتهد على الأحكام الواقعيّة) فالشارع جعل المعيار في هذا المقام الواقع (فانّ الظّاهر : إنّ مبناها) أي : مبنى الطرق المنصوب للمجتهد (على الكشف الغالبيّ عن الواقع) فلم يقدّم الشّارع الطّريق على الواقع بالنسبة الى المجتهد.
(ووجه تخصيصها) أي : الطرق المنصوبة للمجتهد على الأحكام الواقعيّة