إنّه إمّا أن يقرّر دليل الانسداد على وجه يكون كاشفا عن حكم الشارع بلزوم العمل بالظنّ ، بانّ يقال : إنّ بقاء التكليف ـ مع العلم بأنّ الشارع لم يعذرنا في ترك التعرّض لها وإهمالها ، مع عدم ايجاب الاحتياط علينا وعدم بيان طريق مجعول فيها ـ يكشف عن أنّ الظنّ جائز العمل وانّ العمل به ماض ، عند الشارع وانّه لا يعاقبنا على ترك واجب اذا ظنّ بعدم وجوبه ولا بفعل محرّم اذا ظنّ بعدم تحريمه.
______________________________________________________
وذلك (انّه إمّا أن يقرر دليل الانسداد على وجه يكون كاشفا عن حكم الشّارع بلزوم العمل بالظنّ) وهذا ما يسمى بالكشف (بأنّ يقال : إنّ بقاء التّكليف مع العلم بأنّ الشارع لم يعذرنا في ترك التعرّض لها وإهمالها) ولا يخفى : إنّ قوله : «مع العلم» عطف بيان لقوله : «بقاء التكليف» ، وحيث قصد من التكليف : الأحكام الشرعيّة ، جاء بالضمير المؤنث في قوله : «لها وإهمالها».
(مع عدم إيجاب الاحتياط علينا) حيث إنّ الشارع لم يوجب الاحتياط في أطراف العلم الاجمالي من أول الفقه الى آخره لما عرفت : من أنّه يوجب اختلال النظّام ، أو العسر الاكيد والحرج الشّديد.
(وعدم بيان طريق مجعول فيها) أي : في أحكامه بأن يقول مثلا : اعملوا بالاولويات ، أو بالقياسات ، أو بالشهرات ، أو بما اشبه ذلك.
فانّه (يكشف) أي : بقاء التكليف (عن انّ الظنّ جائز العمل) في حال الانسداد (وانّ العمل به) أي : بالظنّ (ماض عند الشارع ، وانّه لا يعاقبنا على ترك واجب اذا ظنّ بعدم وجوبه) فتركناه (ولا بفعل محرّم اذا ظنّ بعدم تحريمه) فعملنا بذلك المحرم الواقعي الذي ادى الظنّ على خلافه.