فحجّية الظنّ على هذا التقرير تعبّد شرعيّ كشف عنه العقل من جهة دوران الأمر بين امور كلّها باطلة سواه ، فالاستدلال عليه من باب الاستدلال على تعيين احد طرفيّ المنفصلة أو اطرافها بنفي الباقي ، فيقال : أنّ الشارع إمّا أن أعرض عن هذه التكاليف المعلومة إجمالا ، أو أراد الامتثال بها على العلم ، أو اراد الامتثال المعلوم إجمالا ، أو أراد امتثالها
______________________________________________________
وعليه : (فحجيّة الظنّ على هذا التقرير) أي : تقرير الكشف. (تعبّد شرعي كشف عنه العقل) فانّ العقل كاشف بسبب هذه المقدّمات التي ذكرناها عن أنّ الشارع جعل الظنّ حجّة (من جهة دوران الأمر بين امور كلّها باطلة سواه) أي : سوى الظن.
والامور الباطلة المذكورة عبارة عن : عدم التكليف ، أو وجوب الاحتياط ، أو نصب طريق مجعول.
إذن : (فالاستدلال عليه) أي : على الظنّ في حال الانسداد (من باب الاستدلال على تعيين احد طرفي المنفصلة ، أو أطرافها بنفي الباقي) مثل أنّ يقال : العدد إمّا زوج ، وإمّا فرد ، لكن العدد في هذا المكان ليس بزوج فهو فرد.
هذا بالنسبة الى احد الطرفين ، وأمّا بالنسبة الى احد الاطراف فيقال : كان في الدار اما زيد أو عمرو أو بكر ، لكن زيدا وعمرا ليسا في الدار قطعا ، فلا يبقى إلّا أنّ يكون في الدار بكر.
وتقريب المنفصلة في المقام ، وهو ما ذكره المصنّف بقوله : (فيقال : انّ الشّارع اما أن أعرض عن هذه التكاليف المعلومة إجمالا) رأسا.
(أو أراد الامتثال بها) أي : بهذه التكاليف (على العلم) بانّ نعلم بتلك التكاليف فنؤدّيها ، (أو أراد الامتثال المعلوم اجمالا) بالاحتياط ؛ (أو أراد امتثالها