وأمّا الوجه الثاني ، فهو غير قبيح بعد إمكان حمل الظّان النّهي في ذلك المورد الشخصيّ على عدم ارادة الواقع منه في هذه المسألة ولو لأجل اطّراد الحكم.
ألا ترى أنّه يصحّ أن يقول الشارع للوسواسيّ القاطع بنجاسة ثوبه : «ما اريد منك الصلاة بطهارة الثوب» وإن كان ثوبه في الواقع نجسا ، حسما لمادّة وسواسه.
______________________________________________________
وأمّا الوجه الثاني : فهو غير قبيح بعد إمكان حمل الظّان النّهي في ذلك المورد الشخصي على عدم ارادة الواقع منه) بمعنى : انّ الشارع لا يريد الواقع من طريق القياس ، وإنّما يريد الواقع من طريق الأصل المنافي للقياس (في هذه المسألة) الشخصيّة (ولو لأجل اطّراد الحكم).
فان الشارع اراد المنع عن القياس كلّية لكثرة مخالفته للواقع ، فرفع اليد عن القياس حتى في مورد اصابته للواقع ، وذلك لأنّ مفسدته كان اكثر من مصلحته ، فقدّم الشارع ترك العمل بالقياس رأسا من باب تقديم الأهم على المهم ، وهذا ما يفعله العقلاء في كلّ مورد يكون فيه المفسدة اكثر من المصلحة.
(ألا ترى : أنّه يصحّ أن يقول الشارع للوسواسي القاطع بنجاسة ثوبه : ما أريد منك الصلاة بطهارة الثوب) اطلاقا ، بل صلّ بالثوب طاهرا كان أو نجسا ، وهو يصلي احيانا في الثوب النجس ، لانّه يترك قطعه (وإن كان ثوبه في الواقع نجسا)؟.
وانّما يقول له الشارع ذلك ويرفع يده عن الحكم الواقعي (حسما) وقطعا (لمادة وسواسه) فاذا صح ذلك في العلم ، صح ذلك في الظنّ أيضا بطريق اولى.