امتثال الواقع وإن قام عليه ما يحتمل أن يكون طريقا شرعيّا ، إذ مجرّد الاحتمال لا يجدي في طرح الطّرف المظنون ، فانّ العدول عن الظنّ إلى الوهم والشكّ قبيح.
______________________________________________________
امتثال الواقع) حيث الأمر دائر بين الشّك والظّن والوهم ، والعقل والعقلاء يقدّمون الظنّ عليهما ـ كما عرفت ـ (وإن قام عليه) أي : على غير المظنون (ما يحتمل أن يكون طريقا شرعيّا) مثل : «القرعة لكلّ أمر مشكل» (١) وقوله سبحانه : (يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها) (٢) في مقام الاستحسان ، إلى غير ذلك من الأدلة التي ذكروها لغير الظّن (إذ مجرّد الاحتمال) غير المدعوم بالدّليل القطعي (لا يجدي في طرح الطّرف المظنون).
وإنّما لا يجدي لأنّه قال : (فانّ العدول عن الظّنّ الى الوهم والشّك قبيح) عقلا وعقلائيا.
والفرق بين العقليّ والعقلائي : إنّ ما يراه العقل لا يجوز خلافه ، أمّا ما يراه العقلاء فيجوز خلافه.
مثلا : العقل يرى استحالة اجتماع النقيضين أو عدم جواز كفران النعم ، والعقلاء يرون ـ مثلا ـ السير عن طرف اليمين في الشوارع ، فلهم أن يبدّلوا ذلك إلى السير من طرف اليسار ، فكلّ عقل عقلائيّ ، أمّا ليس كلّ عقلائي بعقليّ ، فانّ العقلاء لا يجوّزون خلاف العقل ، لكنّ العقل يجوّز خلاف العقلاء ، فبينهما عموم مطلق.
__________________
(١) ـ تهذيب الاحكام : ج ٩ ص ٢٥٨ ب ٤ ح ١٣ ، من لا يحضره الفقيه : ج ٣ ص ٩٢ ب ٢ ح ٣٣٨٩ ، بحار الأنوار : ج ٩١ ص ٢٣٤ ب ٢ ح ٧ ، فتح الابواب : ص ٢٩٢ ، غوالي اللئالي : ج ٢ ص ١١٢ وص ٢٨٥ وج ٣ ص ٥١٢.
(٢) ـ سورة الاعراف : الآية ١٤٥.