فلا ريب أنّ الوظيفة في مثل ذلك بحكم العقل إنّما هو الرّجوع في تعيين تلك الطرق إلى الظنّ الفعليّ الذي لا دليل على عدم حجّيّته ، لأنّه أقرب إلى العلم وإلى إصابة الواقع ممّا عداه».
وفيه ، أوّلا :
______________________________________________________
بحجّية خبر الواحد.
وعليه : فإذا انتفت قطعيّة هذه الأمور الثلاثة (فلا ريب أنّ الوظيفة في مثل ذلك بحكم العقل إنّما هو : الرّجوع في تعيين تلك الطرق) لمعرفة الأحكام (إلى الظّنّ الفعليّ) وقوله : «الى» ، متعلق بقوله : «الرجوع».
ثم الرجوع الى الظنّ (الذي لا دليل على عدم حجّيّته) وذلك بأن لا يكون كالظّن القياسي ، والاستحساني ، والمصالح المرسلة ، وما أشبه ذلك ممّا لم يكن طريقا ، لأنّه نصّ الدليل على عدمه.
وإنّما كان الظّنّ الفعلي طريقا الى تلك الأحكام (لأنّه أقرب الى العلم ، والى إصابة الواقع ممّا عداه) (١) أي : ممّا عدا الظّنّ من الشّك ، والوهم ، والقرعة ، وغير ذلك ممّا تقدّم ذكرها في قبال الظّنّ.
وحاصل هذا الدليل الّذي ذكره الفصول : إنّ الشارع يريد الأحكام ، ويريد أن نصل إليها بطرق مخصوصة ، وحيث لا نعلم بتلك الطرق يجب علينا أن نتبّع الظّن بتلك الطّرق ، لأن الظّنّ يقوم مقام العلم.
(وفيه ، أوّلا :) إنّه لا دليل لنا على انّ الشارع يريد الوصول الى أحكامه بطرق مخصوصة نصب الشارع تلك الطّرق ، وإنّما الشارع يريد الوصول الى تلك
__________________
(١) ـ الفصول الغرويّة : ص ٢٧٥.