فانّ مطلق الظنّ ليس طريقا في عرض الطّرق المجعولة حتى يتردّد الأمر بين كون الطّريق هو مطلق الظنّ أو طريقا آخر مجعولا ، بل الطّريق العقلي بالنسبة الى الطريق الجعلي كالأصل بالنسبة الى الدليل. إن وجد الطّريق الجعليّ لم يحكم العقل بكون الظنّ طريقا ، لأنّ الظنّ بالواقع لا يعمل به في مقابلة القطع ببراءة الذّمة ، وان لم يوجد كان طريقا ، لأنّ احتمال البراءة لسلوك الطريق المحتمل لا يلتفت اليه مع الظنّ بالواقع.
______________________________________________________
(فان مطلق الظّن ليس طريقا في عرض الطّرق المجعولة) كالخبر ، والشهرة ، والاجماع المنقول ، وما أشبه (حتى يتردّد الأمر بين كون الطريق هو مطلق الظنّ أو طريقا آخر مجعولا) على ما ذكرتم في «إنّ قلت».
(بل الطّريق العقلي) الذي هو الظنّ المطلق (بالنسبة الى الطريق الجعليّ) الذي هو الخبر الواحد ونحوه (كالاصل بالنسبة الى الدّليل) فكما أنه ما دام الدليل موجودا لا تصل النوبة الى الاصل ، كالبراءة ونحوها ، كذلك ما دام الطّريق الجعليّ موجودا لا تصل النوبة الى الطريق العقلي.
فانّه (إن وجد الطّريق الجعليّ لم يحكم العقل بكون الظنّ طريقا) وإنّما لا يحكم (لأنّ الظنّ بالواقع لا يعمل به في مقابلة القطع ببراءة الذمة) الذي حصل هذا القطع بسبب العمل بالطريق المجعول ، فانّ الانسان اذا عمل بالطريق المجعول قطع ببراءة الذمة ، أمّا اذا عمل بالظنّ بالواقع فانّه لا يقطع ببراءة الذمّة ، بل يظن ببراءة الذمة ، لأنّ الظنّ لا يولّد الّا الظنّ.
هذا (وإنّ لم يوجد) الطريق الجعلي (كان) الظنّ بالواقع (طريقا) عاما (لأنّ احتمال البراءة لسلوك الطريق المحتمل) الذي هو مشكوك الطريقية ، كالقرعة ونحوها (لا يلتفت اليه مع الظنّ بالواقع).