إنّ مرادهم من الأصل في مسألة الناقل والمقرّر أصالة البراءة من الوجوب ، لا أصالة الاباحة ، فيفارق مسألة تعارض المبيح والحاضر ، أو إنّ حكم أصحابنا بالتخيير او الاحتياط ، لأجل الأخبار الواردة ، لا لمقتضى نفس مدلولي الخبرين من حيث هما فيفارق المسألتين.
______________________________________________________
وذلك لأن مسألة المقرّر والناقل خاص بالشبهة الوجوبية ، ومسألة المبيح والحاظر خاص بالشبهة التحريمية ، فالمسألة الاولى مختلف فيها ، والمسألة الثانية متفق عليها فلا منافاة بين المسألتين ، وذلك كما قال : (ان مرادهم من الأصل في مسألة الناقل والمقرر : أصالة البراءة من الوجوب ، لا أصالة الاباحة) في مسألة الحاظر والمبيح ، فمسألة الحاظر والمبيح خاصة بالشبهة التحريمية على ما عرفت (فيفارق مسألة تعارض) الناقل والمقرر مسألة تعارض (المبيح والحاظر) فلا يكون بين المسألتين عموم وخصوص مطلق كما ذكره المستشكل.
(أو) يمكن أن يقال في جواب الايراد الثاني : (ان حكم أصحابنا بالتخيير أو الاحتياط لأجل الاخبار الواردة) في مسألة التعارض ، ولهذا قالوا بذلك في الفقه ، وفي الاصول قالوا بتقديم الناقل والحاظر لملاحظة الرّجحان الموجودة في نفس مدلول الدليل ، فمسألة الناقل والحاظر بملاحظة نفس مدلول الدليل ، ومسألة التخيير أو الاحتياط بملاحظة الأخبار الواردة في تعارض الخبرين (لا لمقتضى نفس مدلولي الخبرين من حيث هما).
وعليه : فان لم يكن هناك أخبار بالتخيير أو الاحتياط قلنا : مقتضى نفس مدلول الخبرين من حيث هما تقديم الناقل والحاظر ، فلا منافاة بين قولهم في الاصول وعملهم في الفروع (فيفارق المسألتين) ويرتفع بذلك الايرادات الثلاثة.