وحينئذ فنقول : العدم المحقّق سابقا يظنّ بتحققه لا حقا ما لم يعلم أو يظنّ تبدّله بالوجود ، بخلاف الوجود المحقق سابقا ، فإنّه لا يحصل الظنّ ببقائه لمجرّد تحققه السابق.
______________________________________________________
وإنّما كان هذا أضعف من سابقه لوضوح : إن المعيار عند العقلاء هو : حجية الظن سواء الظن العدمي المستصحب ، أم الظن الوجودي الملازم للظن العدمي.
وعليه : فقد تحقق الى هنا أربعة احتمالات : ـ
الأوّل : كون الاستصحاب حجة من باب الظن.
الثاني : كونه حجة من باب التعبد والاخبار.
الثالث : كونه حجة من باب بناء العقلاء تعبّدا ، فلا يسري الاستصحاب العدمي الى الاستصحاب الوجودي.
الرابع : بناء العقلاء على حجية الاستصحاب من باب الظن ، لكنهم لا يسرونه الى الوجودي.
(وحينئذ) أي : حين عرفت ذلك كله وعلمت أن القول بالتفصيل في الاستصحاب بين العدمي فحجة ، والوجودي فليس بحجة هو محور البحث هنا (فنقول) في تقرير حجية هذا التفصيل وبيان الدليل عليه ما يلي :
(العدم المحقّق سابقا يظنّ بتحققه لا حقا ما لم يعلم أو يظنّ تبدّله بالوجود) فإذا كان ظانا بأنه محدث ، فإنه يظن لا حقا بأنه محدث أيضا ، إلّا إذا علم بأنه توضّأ ، أو ظن تبدّل حالته بالتطهر.
(بخلاف الوجود المحقق سابقا ، فإنّه لا يحصل الظنّ ببقائه لمجرّد تحققه السابق) وذلك لأن الأعدام لا تحتاج الى المؤثر ، بخلاف الوجودات ، ومن أين لنا إن المؤثر السابق باق في تأثيره الى الزمان اللاحق؟.