ولكن يرد عليه :
أنّه قد يكون الأمر الوجودي أمرا خارجيا ، كالرطوبة يترتّب عليها آثار شرعية ، فإذا شك في وجود الرافع لها لم يجز أن يثبت به الرطوبة حتى يترتّب عليه أحكامها ، لما سيجيء : من أنّ المستصحب لا يترتّب عليه إلّا آثاره الشرعية المترتبة عليه ، بلا واسطة أمر عقلي أو عادي ،
______________________________________________________
اخترناه نحن (ولكن يرد عليه) أي : على تساوي التفصيلين وعدم افتراق أحدهما عن الآخر : إن هنا نقطة افتراق بينهما وهي كما قال :
(أنّه قد يكون الأمر الوجودي أمرا خارجيا ، كالرطوبة) فإن الرطوبة ليست من الأمور الشرعية لكن (يترتّب عليها) أي : على الرطوبة (آثار شرعية) كالنجاسة ، فإذا علمنا برطوبة الثوب وملاقاته للنجس ، ترتّب عليه النجاسة ، لكن إذا شككنا في رطوبة الثوب ، للشك في هبوب ريح تجففها ، فليس لنا أن نستصحب عدم هبوب الريح لنثبت به الرطوبة حتى يترتّب عليها القول بنجاسة الثوب كما قال :
(فإذا شك في وجود الرافع لها) أي : لهذه الرطوبة بأنه هل هبّت ريح فجففتها أم لا؟ (لم يجز أن يثبت به) أي : بعدم هبوب الريح وجود (الرطوبة حتى يترتّب عليه أحكامها) أي : أحكام الرطوبة من السراية إذا وقع الثوب على أرض نجسة.
وإنّما لم يجز ذلك (لما سيجيء : من أنّ المستصحب) كعدم هبوب الريح في المثال (لا يترتّب عليه إلّا آثاره الشرعية المترتبة عليه ، بلا واسطة أمر عقلي أو عادي) أو عرفي ، ومعلوم : إن الرطوبة وعدمها ليس أثرا شرعيا لهبوب الريح وعدمه ، فلا يصح إثبات الرطوبة باستصحاب عدم هبوب الريح ، لأنه يكون حينئذ مثبت والاستصحاب المثبت ليس بحجة.