العدم الأزليّ ليس مستندا إلى القبح ، وإن كان موردا للقبح. هذا حال نفس الحكم العقلي.
______________________________________________________
العقلي لزم عدم الاستصحاب في الحكم الشرعي ، فكيف تستصحبون العدم الأزلي ، مع ان الحكم الشرعي هنا مستند إلى الحكم العقلي ، إذ العقل يرى عدم امكان الحكم في الأزل ، والشرع يطابقه؟.
والجواب : ان العقل يقول بعدم الحكم في الأزل من جهة قبح التكليف بلا بيان ، والشارع يقول : بعدم الحكم في الأزل من جهة قوله تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (١) والملاك الذي قاله الشرع أعم من الملاك الذي قاله العقل ، فملاك حكم الشرع باق في زمان الشك وان كان لا ملاك لحكم العقل في زمان الشك.
وعليه : فإن (العدم الأزليّ ليس مستندا إلى القبح ، وإن كان موردا للقبح) أي : ان العقل والشرع وان كانا متطابقين على عدم الحكم في الأزل ، لكنهما مفترقان من حيث المستند ، فمستند العقل : قبح التكليف بلا بيان ومستند الشرع قاعدة : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (٢).
(هذا حال) الاستصحاب في (نفس الحكم العقلي) حيث ذكرنا : ان الحكم العقلي لا يستصحب ، لأنه مع بقاء موضوعه فالحكم موجود ، ومع فقد موضوعه فالحكم مفقود ، فلا مجال للشك فيه حتى يستصحب.
انتهى الجزء الثاني عشر
ويليه الجزء الثالث عشر في
تتمّة التنبيه الثالث للاستصحاب
وله الشكر
__________________
(١) ـ سورة الإسراء : الآية ١٥.
(٢) ـ سورة الاسراء : الآية ١٥.