جرى الاستصحاب وحكم بأنّ موضوعه أعمّ من موضوع حكم العقل ، ومن هنا يجري استصحاب عدم التكليف في حال يستقلّ العقل بقبح التكليف فيه ، لكنّ
______________________________________________________
ومن ذلك تبيّن : ان حكم العقل وحكم الشرع وان تطابقا في غير المميّز ، لكنهما بملاكين لا بملاك واحد ، فملاك الشارع : انه لم يبلغ الحلم وهو سبب ارتفاع القلم عنه ، حيث قال : رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم ، وملاك العقل : انه لعدم تمييزه رفع عنه القلم ، من غير فرق بين ان يكون حصول التغير لاحتمال مدخلية شيء فقد ، مثل مدخلية سن خاص كثلاث سنوات وقد فقد ذلك السن بان صار عمره أكثر ، أو لاحتمال مفقود وجد ، مثل مدخلية عدم التمييز قبلا حيث صار مميّزا وان لم يصر بالغا.
وحينئذ : (جرى الاستصحاب) الشرعي (وحكم بأنّ موضوعه) أي : موضوع حكم الشرع (أعمّ من موضوع حكم العقل) لأن موضوع حكم العقل هو غير المميّز بينما موضوع حكم الشرع هو الأعم من ذلك ما دام لم يصل إلى حد البلوغ.
(ومن هنا) أي : ممّا ذكرنا : من انه ليس كل حكمي شرعي بتابع للحكم العقلي وان توافقا في بعض الامور (يجري استصحاب عدم التكليف) الثابت (في حال يستقلّ العقل بقبح التكليف فيه) كحال عدم التمييز ، فانه بعد التمييز لا يجري الاستصحاب العقلي ، بينما يجري الاستصحاب الشرعي ، وذلك لأن موضوع حكم الشرع هو : عدم التكليف فيستصحب بعد التمييز ، امّا موضوع حكم العقل فهو : قبح التكليف ، وقبح التكليف مرتفع في زمان التمييز.
(لكنّ) وكأنه جواب سؤال مقدّر وهو : ان الحكم الشرعي لو كان تابعا للحكم