ونحو ذلك ، وقد يكون لقرب أحد المخصّصين وبعد الآخر ، كما يقال : إنّ الأقلّ أفرادا مقدّم على غيره ، فإنّ العرف يقدّم عموم «يجوز أكل كل رمّان» على عموم النهي عن أكل كلّ حامض ؛ لأنه
______________________________________________________
ما استعاره» (١) ، فانّ الأوّل : حيث كان في مقام الضابط يقدّم على الثاني الذي هو ليس كذلك ، بل هو في مقام بيان حكم فرعي من الأحكام الفرعيّة ، فيحمل عدم ضمان المستعير على التلف لا الاتلاف ، إلّا أن يكون الثاني أظهر دلالة ، بأن يكون كالخاص بالنسبة إلى العام.
(ونحو ذلك) كما في العام المسوق للامتنان ، فانّه يقدّم على ما لم يكن كذلك ، مثل قوله سبحانه : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (٢) فانّه يقدّم على قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) (٣) فيما إذا كان الصيام حرجيّا ، ولذا لا يجب الصوم لحمل وجوبه على ما إذا لم يكن حرجيّا.
(وقد يكون لقرب أحد المخصّصين وبعد الآخر) قربا وبعدا إلى أذهان العرف (كما يقال : إنّ الأقلّ أفرادا مقدّم على غيره) فيما إذا تعارض عامّان : أحدهما له عشرة أفراد ـ مثلا ـ كالخطباء في مثال : لا تكرم الخطباء ، والآخر له ثلاثة أفراد كالفقهاء في مثال : أكرم الفقهاء ، ففي الفرد الذي هو مجمع بينهما وهو الفقيه الخطيب ، نعطيه للأقل أفرادا لا للأكثر أفرادا فنكرمه ، وذلك للفهم العرفي كما قال : (فانّ العرف يقدّم عموم : «يجوز أكل كلّ رمان») الشامل لحلوه وحامضه ومرّه (على عموم : النهي عن أكل كلّ حامض ، لأنّه) أي : عموم الرمّان وإن لوحظ كلّ أفراده حلوا وحامضا ومزّه على عموم النهي عن أكل كل حامض لأنّه
__________________
(١) ـ القواعد الفقهيّة للبجنوردي : ج ٧ ص ١٣ قاعدة لا ضمان على المستعير.
(٢) ـ سورة الحج : الآية ٧٨.
(٣) ـ سورة البقرة : الآية ١٨٣.