والاقوام. وكانت هي بنفسها المعجزة الخالدة لكل العصور والاجيال. فهي قابلة للبقاء. قابلة لان تتدبرها اجيال واجيال وتؤمن بها أجيال وأجيال. ومن ثم اقتضت الحكمة الا تؤخذ هذه الامة بعذاب عاجل. وان لا يقع عليها العذاب كما كان الحال في الامم السابقة. (أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ) ان عذاب الله عزوجل لا تستعجله نفس مؤمنة. واذا ما ابطأ فلحكمة ورحمة .. وفي فترة التأجيل التي صرف الله العذاب فيها عن مشركي قريش. كم آمن منهم من رجال ونساء. وكم ولد لكفارهم من ذرية نشأت فيما بعد على الاسلام. وهذه وتلك بعض الحكم الالهية والرأفة في خلقه. ولكن البشر القاصرين العجولين لا يعلمون.
(وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ (٩) وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (١٠) إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١١))
انها صورة صادقة لهذا الانسان العجول القاصر. الذي يعيش في لحظته الحاضرة. ويطغى عليه ما يلابسه. فلا يتذكر ما مضى ولا يفكر فيما يلي. فهو يؤوس من الخير كفور بالنعمة ، بمجرد ان تنتزع منه .. مع انها كانت على هبة من الله له. وهو فرح بطر بمجرد ان يجاوز المحنة والشدة الى الرخاء (إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا) صبروا على الشدة. شاكرين للنعمة. على حد سواء في ظنهم الحسن بخالقهم الكريم. (أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ).
(فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (١٢) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٣) فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ وَأَنْ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٤))
البيان : لعل هنا تحمل معنى الاستفهام وهو ليس استفهاما حقيقيا