وانا الشاهد). ثم يعرض مواقف الذين يؤمنون بهذا القرآن. والذين يكفرون به من الاحزاب. وما ينتظر هؤلاء. من الجزاء في الآخرة فيقول عزوجل : (والذين يؤمنون بما معه من الحق) (وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ .. فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ).
ان الجاهلية التي تعترف بوجود الله سبحانه. او لا تعترف. ولكنها تقيم للناس أربابا في الارض يحكمونهم بغير ما انزل الله. ويشرعون لهم باهوائهم واغراضهم ما يشتهون فويل لهم مما يكتبون. (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً).
ان الافتراء في ذاته جريمة نكراء. وظلم للحقيقة. ولمن يفتري عليه الكذب (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) والظالم هو كل من تعد حدود الله التي حذر الله تعالى تجاوزها (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوها) (أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) : وهي خسارة فادحة. فالذي يخسر نفسه لا يفيد غيره ابدا. (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ ..)
الاخبات الطمأنينة والاستقرار والثقة والتسليم. وهي صورة حال المؤمن مع ربه وركونه اليه. واطمئنانه لكل ما يأتي به. وهدوء نفسه وسكون قلبه. وأمنه واستقراره ورضاه. (مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً). صورة حية تتجسم فيها حالة الفريقين. والفريق الاول كالاعمى لا يرى. وكالاصم لا يسمع. والذي يعطل حواسه باجرامه واختياره فما يرجى منه بعد ذلك. (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) فالقضية في وضعها هذا لا تحتاج الى اكثر من التذكير. فهي بديهية لا تقتضي التفكير العميق. مقررة فلا تحتاج الى اكثر من توجه النظر والتذكير اليسير حتى تتجلى الحقائق على واقعها.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٥) أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٢٦) فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ