ما نَراكَ إِلاَّ بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ (٢٧)
قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ (٢٨) وَيا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالاً إِنْ أَجرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ (٢٩)
وَيا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٣٠) وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْراً اللهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ (٣١))
البيان : انها تكاد تكون الالفاظ ذاتها التي ارسل بها محمد ص وآله. والتي تضمنها الكتاب الذي أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير. ان التعبير القرآني يحيى المشهد فكأنما هو واقعة حاضرة لا حكاية عما سلف. وكأنما هو يقول لهم الآن ونحن نشهد ونسمع. هذا من جهة. ومن جهة أخرى انه يلخص وظيفة الرسالة كلها ويترجمها الى حقيقة واحدة (إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ) وهو اقوى في تحديد هدف الرسالة وابراز في وجدان السامعين (أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ) فهذا هو قوام الرسالة. وقوام الانذار : (إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ).
فيتم الابلاغ ويتم الانذار في هذه الكلمات القصار. (فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ). ذلك رد اهل التكبر والضلال. وهو يكاد يكون ما رد به قريش على رسوله محمد ص وآله تماما (ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا) الشبهات ذاتها. والاتهامات ذاتها والكبرياء ذاتها. انها الشبهة التي وقرت في نفوس جهال البشر. وشبهة أخرى .. فلم لا يكون من بين هؤلاء الجبابرة والكبراء. (فلو لا انزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم).
(وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ) : وهم يسخّرن