الفقراء : اراذل الناس (وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ) : يدمجون الداعي بمن تبعوه من الاراذل. فلو كان ما معكم خيرا وصوابا لأهتدينا اليه) ولم تسبقونا انتم اليه. (بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ). وهي التهمة الأخيرة يقذفون بها في وجه الرسول ص وآله. ويتلقى نوح الاتهام فيقول (ع) : (يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ).
نداء ملأوه سماحة ومودة. ونسبتهم اليه. وهكذا يتلطف نوح في توجيه انظارهم ولمس وجدانهم واثارة حساسيتهم لادراك القيم الخفية. والخصائص التي قد يغفلون عنها في امر الرسالة والاختيار لها. ويبصرهم بان الأمر ليس موكولا الى الظواهر السطحية. التي يقيسون بها. وفي الوقت ذاته يقرر لهم المبدأ العظيم. مبدأ الاختيار في العقيدة والاقتناع بالنظر والتدبر. لا بالقهر والاستعلاء. (يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالاً).
ان الذين يدعونهم اراذل قد دعوتهم فآمنوا وليس عند الناس الا ان يؤمنوا بخالقهم العظيم. (وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا) ونفهم من هذا الرد انهم طلبوا طردهم حتى يفكروا في الايمان به. لأنهم يستنكفون ان يجتمعوا مع الفقراء من تجبرهم فلذا يقول (ع) : (وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) انكم تجهلون القيم الحقيقية التي يقدر بها الناس في ميزان الله وتجهلون ان مرد الناس كلهم الى الله تعالى (وَيا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ).
فهناك الله رب العالمين اذا اراد انزال العقوبة بعبد من عبيده فلا يقدر احد على حمايته منه.
(قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٣٢) قالَ إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللهُ إِنْ شاءَ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (٣٣) وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٣٤) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (٣٥))