الامر ، ويقفهم وجها لوجه امام العاقبة التي ستقع بهم ولا راد لها عندئذ ، ولكن القوم كانوا قد عتوا وطغوا :
(قالُوا : يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا ، أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا)
وهو رد واضح التهكم والسخرية ، ولا عجب اذا حصل هذا من أهل العصور المظلمة. لكن الأعجب والاغرب ما يحصل من ارباب القرن العشرين عصر العلم والثقافة والتقدم. وهم يدعون الاسلام والايمان. ويستنكرون وجود صلة بين العقيدة والاخلاق ، وبخاصة في المعاملات بحيث انعدم عندهم : هذا حلال وهذا حرام ، فلم يبق لمفهوم الحرام عندهم مصداق.
وحجتهم انا قد حصلنا على الشهادات العليا من جامعاتنا وجامعات العالم فلا حاجة لنا بعد لان نقول هذا حلال وهذا حرام فكل ما يقدر عليه الانسان فهو حلال بدون استثناء حتى على وطىء اخته وبنته وجارته ، ونهب كل مال يقدر عليه الانسان. وهم يستنكرون بشدة وعنف أن يتدخل الدين في شيء من المعاملات.
ويتساءلون أولا وما للاسلام وسلوكنا الشخصي ، وما للاسلام والعرب في الشواطىء ، ما للاسلام وزي المرأة في الطريق. ما للاسلام وتصريف الطاقة الجنسية بأي سبيل ، ما للاسلام وتناول كأس من الخمر لاصلاح المزاج. فأي فرق بين هذه التساؤلات وبين أهل مدين مع نبيهم شعيب (ع).
وقولهم (أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا). الثاني استنكارهم على تدخل الدين في الاقتصاد والنهي عن أشياء يسمونها محرمة بجميع انواع الحيل والمكر والغش وبخس الميزان.