وفي هذا الوقت كانت زوجة العزيز وكان زوجها لم يرزقا أولادا كما يبدو من قوله : (أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) ولا يقال هذا الا اذا وصل سن المرأة حد اليأس ، حتى يحصل اليأس من الولد. فلا بد ان تكون قد مضت على زواجهما فترة طويلة يعلمان فيها أن لا ولد يأتيها بعد وعلى كل حال فالمتوقع عن سنها ان يكون قد تجاوز الاربعين على أقل تقدير. بل كان زوجها غنينا لا يصيب النساء اصلا.
واذا قلنا أن المراودة كانت بعد شراء يوسف بعشر سنين فتكون سنها وقت راودت يوسف خمسين سنة والتي يتحدث فيها النسوة عن امرأة العزيز. فيكون جوابها عليهن ان أعدت مأدبة لهن وأمرت أن يخرج عليهن يوسف فيفتننّ به. ويصرخن (ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ.)
(وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ) فهذه البيئة التي تسمح بهذا وذلك هي بيئة خاصة ، هي بيئة الطبقة المترفة دائما ، ويوسف كان فيها عبدا مملوكا. وتربى فيها في سن الفتنة.
فهذه هي المحنة الطويلة التي مر بها يوسف وصمد لها. ونجا منها ومن تأثيراتها ومغرياتها. وميوعتها ووسائلها الخبيثة ، ولسنه وسن المرأة التي يعيش معها تحت سقف واحد كل هذه المدة. قيمة في تقدير مدى الفتنة. وخطورة المحنة والصمود لها هذا الامد الطويل.
أما هذه المرأة فلو كانت وحدها وكانت مفاجأة بلا تمهيد من اغراء طويل ، لما كان عسيرا ان يصمد لها يوسف ، وبخاصة انه هو مطلوب فيها لا طالب. وتهالك المرأة قد يصد من نفس الرجل وهي كانت متهالكة. والان نواجه النصوص :
(وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ).