اذن فقد كانت المراودة في هذه المرة مكشوفة ، وكانت الدعوة فيها سافرة ، الى الفعل الاخير وحركة غلقت الابواب ، لا تكون الا في اللحظة الاخيرة. وقد وصلت المرأة الى اللحظة الحاسمة التي تهتاج فيها دفعة الجسد الغليظة ، ونداء الجسد الاخير (وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ)
هذه الدعوة السافرة الجاهرة الغليظة لا تكون أول دعوة من المرأة ، انما تكون هي الدعوة الاخيرة. وقد لا تكون ابدا اذا لم تضطر اليها المرأة اضطرارا ، والفتى يعيش معها وقوته وفتوته تتكامل وأنوثتها هي كذلك تكمل وتنضج ، فلا بد كانت هناك اغراءات عديدة متنوعة قبل هذا.
(قالَ مَعاذَ اللهِ) أعيذ نفسي بالله ان افعل ... انه لا يفلح الظالمون) الذين يتجاوزون حدود الله. فيرتكبون ما تدعينني اللحظة اليه. والنص هنا صريح وقاطع. في أن ردّ يوسف المباشر على المراودة السافرة كان هو الاباء المصحوب بتذكر نعمة الله عليه ، وبتذكر حدوده وجزاء من يتجاوزون هذه الحدود. فلم تكن هناك استجابة في أول الموقف لما دعته اليه دعوة غليظة جاهرة بعد تغليق الابواب وبعد الهتاف باللفظ الصريح الذي يتجمل القرآن في حكايته. والمراد انها همت بجذبه اليها وهو يدفعها عنه. هذا منتهى العفة والثبات عند عواصف الرياح.
(وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَها حُبًّا إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٠) فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ (٣١) قالَتْ فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ (٣٢) قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ