(وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ قالَ ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (٥٠) قالَ ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٥١) ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ (٥٢) وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ ما رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥٣))
البيان : وهنا ترى يوسف يرد الرسول الذي جاء أول مرة ولا يستعجل الخروج حتى تحقق قضيته. ويتبين الحق واضحا في موقفه. وتعلن المرأة التي اتهمته براءته ـ على رؤوس الاشهاد ـ ان أثر التربية الربانية شديد الوضوح في الفارق بين الموقوفين.
لقد رد يوسف أمر الملك باستدعائه حتى يستوثق الملك من أمره ، وحتى يتحقق من شأن النسوة اللاتي قطعن أيديهن .. بهذا القيد تذكيرا بالواقعة وملابساتها وكيد بعضهن لبعض فيها وكيدهن له بعدها .. وحتى يكون هذا التحقق في غيبته لتظهر الحقيقة خالصة ، دون أن يتدخل هو في مناقشتها. كل ذلك لانه واثق من نفسه. واثق من براءته مطمئن ان الحق لا يخفى.
ورجع الرسول واخبر الملك واحضر النسوة يستجوبهن (ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ) (وهي الحقيقة التي يصعب انكارها ، وهنا تقدمت امرأت العزيز وأقرت أنها هي التي راودته عن نفسه فاستعصم. (وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ)
وزادت ما يكشف عن أن قلبها لم يخل من ايثاره ورجاء تقديره بعد كل هذا الامد ، (أَنَا راوَدْتُهُ) شهادة كاملة بنظافته وبراءته وصدقه. فهل هو الحق وحده الذي يدفعها لهذا الاقرار في حضرة زوجها.