لا ييأسوا مهما تفاقم المصاب. وعظمة الرزية ، وان روح المؤمن الحقيقي مليئة بالرجاء وازالة المحنة.
(فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (٨٨) قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ (٨٩) قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (٩٠) قالُوا تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ (٩١) قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٩٢) اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (٩٣))
البيان : عند ما يبلغ الامر بالانسان الى حد اليأس لا بد له من أن يسترحم بانكسار. فقد انتهت الدروس وحان وقت المفاجأة الكبرى التي لا تخطر لهم على بال. فاذا هم يعترفون بالخطأ ويسترحمون منه ، واذا بصاحب النفس الكبيرة يترفق في الافضاء بالحقيقة اليهم فيعود بهم الى الماضي البعيد الذي يعرفونه وحدهم. ولم يطلع عليه احد الا الله (قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ.) وقد رن في آذانهم صوت لعلهم يذكرون شيئا من نبراته ، ولاحت لهم ملامح الوجه لعلهم لم يلتفتوا اليها وهم يرونه في سمت العزيز وابهته. والتمع في نفوسهم خاطر من بعيد : (قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ) (قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا).
مفاجأة عجيبة يعلنها لهم يوسف ويذكرهم في اجمال بما فعلوه بيوسف واخيه في دفعة الجهالة اما هم فتتمثل لعيونهم وقلوبهم صورة ما فعلوا بيوسف ويجللهم الخزي والخجل وهم يواجهونه محسنا اليهم وقد أساءوا اليه من قبل (قالُوا تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ)