قول الله عزوجل : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ) (تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ) : والظاهر ان ما بينه في هذه القصة لم يكن معلوما حتى أخبر هذا القرآن عنه حتى عند غير العرب والا لما صدق عليه أنه غيب. فالغيب هو المختص بعلمه الله قبل ذكره. والتكذيب بالحق بعد وضوحه مكر وخداع (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)
(وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣) وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (١٠٤) وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ (١٠٥) وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ (١٠٦) أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١٠٧))
البيان : لقد كان رسول الله ص وآله حريصا على ايمان قومه. رغبة في ايصال الخير اليهم الذي جاء به من ربه. بل كانت غايته هذه الى كافة المخلوقات وليست مختصة بعشيرته. ولكن الله العالم الخبير بخفايا الخلق يقول له اكثرهم لا يريد الايمان ونبذ عصبيته وهواه والآيات التي اوجدها في الكون دالة على عظمته وحكمته وعنايته لما خلق وذرأ لا تعدو ولا تحصى (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ) : والايات الدالة على الله تعالى ووحدانيته وقدرته وحكمته الباهرة معروضة للابصار والبصائر. يمرون عليها في الصباح والمساء وهي ناطقة تكاد تدعو الناس اليها. بارزة تواجه العيون والمشاعر موحية للقلوب والعقول. ولكنهم لا يرونها ولا يسمعون نطقها البديع المرصع بالحكمة والاتقان والتدبير.
وان لحظة تأمل في مطلع الشمس ومغيبها لحظة تأمل في الظل الممتد. والعين الفوارة. والنبت الرائع. والزهرة المتفتحة. والطائر السابح في الهواء والعجائب السابحة في البحار. وسائر الحشود من