السوي المستقيم وتنمحي أمامها جميع الطرق والاسباب سوى هذه الطريق النيرة ، المشعّة بالامان لا يشوبها غبش ولا يحجبها ضباب. ومتى رأت الطريق سارت على هدى لا تتعثر ولا تضطرب ولا تتردد ولا تحتار ولا يدنو منها حيرة ولا قلق.
والايمان بالله عزوجل ، نور تشرق به الحياة ، فاذا الناس كلهم عباد متساوون تربطهم آصرة واحدة هي الاخوة في الله. وتتمحص دينونتهم له دون سواه. فلا ينقسمون الى عبيد وطغاة ، فاذا هم في سلام مع هذا الكون وما فيه ومن فيه.
والايمان بالله نور. نور العدل ونور الحرية ونور المعرفة ، ونور الانس بجوار الله والاطمئنان الى عدله وعفوه ورحمته وحكمته في السراء والضراء. ذلك الاطمئنان الذي يستتبع الصبر في الضراء ، والشكر في السراء ، على نور من ادراك الحكمة في البلاء.
والايمان بالله وحده آلها وربا. منهج حياة كامل. لا مجرد عقيدة تعمر الضمير وتسكب فيه النور. منهج حياة يقوم على قاعدة العبودية لله وحده. والاستعلاء على عبودية العبيد.
(لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ .. إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) ..
فالصراط هي ذاك النور ، المشرق بالنفس المطمئنة ، فلا تخطىء في خطساها وتصورها : (وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ).
فحب الدنيا يصطدم مع الايمان الصحيح ، ويتعارض مع الاستقامة على الصراط المستقيم وليس الامر كذلك حين يحب الانسان الاخرة لانه عندئذ تصلح آخرته ودنياه معا. فلا يقع في التعارض. ان الذين يوجهون قلوبهم للاخرة. لا يخسرون متاع الحياة الدنيا.