فصلاح الاخرة في الاسلام يقتضي صلاح هذه الدنيا ، والايمان بالله يقتضي حسن الخلافة في الارض. وحسن الخلافة في الارض هو استعمارها والتمتع بطيباتها. انه لا تعطيل للحياة في الاسلام انتظارا للاخرة. ولكن تعمير للحياة بالحق والعدل والاستقامة ابتغاء رضوان الله. وتمهيدا للاخرة .. هذا هو الاسلام المنحصر فيه سعادة الانسان.
فاما الذين يستحبون الحياة الدنيا على الاخرة ، فلا يملكون ان يصلوا الى غاياتهم من الاستئثار بخيرات الارض. ومن الكسب الحرام ، ومن استغلال الناس وغشّهم واستعبادهم ولا يملكون أن يصلوا الى غاياتهم هذه في نور الايمان بالله. وفي ظل الاستقامة على هداه.
ومن ثم يصدون عن سبيل الله ، يصدون أنفسهم ويصدون الناس ، ويبغونها عوجا ، لا استقامة فيها ولا عدالة. وحين يفلحون في صد أنفسهم ، وصد غيرهم عن سبيل الله. وحين يتخلصون من استقامة سبيله وعدالتها. فعندئذ فقط يملكون ان يظلموا وان يطغوا وان يغشوا وان يخدعوا. وان يغروا الناس بالفساد. فيتم لهم الحصول على ما يبغونه من الاستئثار بالخيرات التي خلقها الله اكراما لعباده الصالحين. واختبارا للمعاندين والمنحرفين.
ان منهج الايمان ضمانة للحياة وللاحياء. (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ)
وهذه نعمة شاملة للبشر في كل رسالة ، لكي يتمكن الرسول من اخراج الناس من الظلمات الى النور مباشرة ، ويكونوا هم حجة على سواهم من الامم التي تتلقى الايمان عنهم بالواسطة.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٥) وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ