ان يعودوا الى ملة قومهم المعاندين للحق وبعد أن يصروا على تميزهم بدينهم وبايمانهم عن الباطل وأهله.
وبعد أن يفاصلوا قومهم على أساس العقيدة فينقسم القوم الواحد الى آمتين مختلفتين عقيدة ومنهجا وقيادة وتجمعا. عندئذ تتدخل القوة الكبرى لتضرب ضربتها الفاصلة ولتدمر على الطواغيت الذين يتهددون المؤمنين. وليتحقق وعد الله لرسله بالنصر والتمكين. وتقف الطغاة المتجبرون بقوتهم المادية في صفّ. وتقف الرسل الداعون الى الله والحق ومعهم الله العظيم في صفّ. ولا بد هنا أن يكون النصر في جانب القوة الالهية التي لا تغلب. (وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) انه مشهد عجيب يرسم لنا الخالق الجبار صفة الخائب المهزوم. مع قوتهم الغاشمة التي كانوا يهددون بها دعاة الحق والخير والصلاح والايمان بالله العظيم.
(قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١) وَما لَنا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (١٢) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا
فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (١٣) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ (١٤) وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (١٥) مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ (١٦) يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ (١٧))
(مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (١٨))
البيان : مشهد الرماد تشتد به الريح في يوم عاصف. مشهد مشهود معهود. يجسم به السياق معنى ضياع اعمال اهل العصيان سدى. لا يقدر اصحابها على امساك شيء منها. ولا الانتفاع بها والسياق