يجسمه في هذا المشهد العاصف المتحرك فيبلغ في تحريك المشاعر الحية. ما لا يبلغه التعبير الذهني المجرد عن ضياع الاعمال وذهابها بددا.
هذا المشهد ينطوي على حقيقة ذاتية في اعمال الكفار والعصاة. فالاعمال التي تقوم على قواعد من الايمان ولا تمسكها العروة الوثقى التي تصل العمل بالباعث وتصل الباعث بالله تعالى مفككة كالهباء والرماد لا قوام لها ولا نظام. فليس المعول عليه هو العمل. ولكن باعث العمل وهو العقيدة الصحيحة بالله ورسوله واهل بيته (ع) الذين هم العروة الوثقى دون غيرهم.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٩) وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ (٢٠) وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقالَ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ قالُوا لَوْ هَدانَا اللهُ لَهَدَيْناكُمْ سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ (٢١))
البيان : ان الانتقال من حديث الايمان والكفر. ومن قضية الرسل والجاهلية الى مشهد السموات والارض. هو انتقال طبيعي في المنهج القرآني. كما انه انتقال طبيعي في مشاعر الفطرة البشرية يدل على ربانية هذا المنهج القرآني.
أن بين الفطرة الكائنة في الانسان. وبين هذا الكون لغة سرية مفهومة. ان فطرة الانسان تتلاقى مع السر الكامن وراء هذا الكون بمجرد الاتجاه اليه والتقاط ايقاعاته ودلالالته والذين يرون هذا الكون ثم لا تسمع فطرتهم هذه الايقاعات وهذه الايحاءات. هم افراد معطلوا الفطرة. في كيانهم خلل تعطلت به اجهزة الاستقبال الفطرية. كما تصاب الحواس فتتعطل فوائدها المختصة بها. كما تصاب العين بالعمى والاذن بالصم واللسان بالبكم.
ومن هؤلاء كل اصحاب التفكير المادي ـ الذي يسمونه (المذهب