نعم تبدل الارض بنظر كل انسان عند ما ينقطع الامل من هذه الحياة الخدّاعة. ويأتي اليوم الموعود بالانتقال الى الحياة الخالدة. اما في النعيم واما في الجحيم. بدون تخيير ولا تأخير. وعند الموت أحس الظالمون انهم مكشوفون. وقد احصيت اعمالهم وفسادهم فلا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها. ولا يقيهم واق ولا يسترهم ساتر احصاه الله ونسوه. (وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ .. سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ) فمشهد المجرمين مقترنين في الوثاق .. مشهد مذل ومخزي سرابيلهم وثيابهم من قطران تلتهب على ابدانهم وهي قذرة نتنة. وفيها الايحاء بشدة الاشتعال تزيدهم لهيبا في النار (هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ. وَلِيُنْذَرُوا بِهِ) : ان الغاية الاساسية هي الوعظ والتذكير للمخاطبين وللامم الآتية. وامثال يضربها خالق البشر لهذا البشر لعلهم يعتبرون ويذعنون. ويرجعون الى اله واحد. فهذه هي قاعدة دين الله التي يقوم عليها منهجه في الحياة.
ونحن لا ندرك مرامي هذا القرآن المجيد. قبل ان ندرك حدود العقيدة في هذا الدين ان الاسلام لم يجيء لمجرد تحطيم الاصنام الحجرية او الفراعنة البشرية. انما جاء الاسلام ليقيم مفرق الطريق بين الدينونة لله وحده في كل أمر أمر به. أو نهى عنه.
والذين يظنون بانفسهم انهم على دين الله لانهم ينطقون بالسنتهم بالشهادة. دون قلوبهم ودون افعالهم وتطبيقهم. ثم يحكمون ويخضعون لشرائع لم يأذن بها الله بل يكفّر اربابها وها هو يعلن فيقول عزوجل : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ. وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ. وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ)