والفزع. فالسرعة المهزولة في الهيئة المشدودة مع القلب الفزع الطائر من شدة الخوف الشديد فاذا جاء ذلك الاجل المعين فلا اعتذار يومئذ ينفع او يقبل ولا شفيع او مجير يدفع (وانذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الظالمون ربنا اخرنا .. نجب دعوتك) وهنا ينقلب السياق من الحكاية الى الخطاب. كأنهم ماثلون شاخصون. يوجّه اليهم التبكيت والتأنيب والتذكير بالتفريط : (أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ)
فكيف ترون الآن. زلتم ام لم تزولوا. وكنتم تقولون هذا واثار الظالمين قبلكم ماثلة امامكم وان هذا المثل ليتجدد في الحياة ويقع كل حين. فكم من طغاة يسكنون مساكن الطغاة الذين اهلكهم الله تعالى لما ظلموا. وقد يرون هلاك من جلسوا في مجالسهم. فلا تهز وجدانهم تلك الاثار. التي رأوها وشاهدوها والتي حدثهم التاريخ عنها. ثم يفعلون ما فعل من هلك قبلهم وهم على يقين انهم سيأتيهم الدمار والانتقال من هذه الحياة ومع هذا لا يتعظون ولا يعتبرون.
(وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ (٤٦) فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ (٤٧) يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ ٱلْأَرْضِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَحِدِ الْقَهَّارِ (٤٨) وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِى ٱلْأَصْفَادِ (٤٩) سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (٥٠) لِيَجْزِىَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (٥١) هَذَا بَلَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبَبِ (٥٢))
البيان : (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ) لا يدع الظالم يفلت. ولا يدع الماكر ينجو. وكلمة الانتقام هنا تلقى الظل المناسب للظلم والمكر. فالظالم الماكر يستحق الانتقام. وهو بالقياس الى الله تعالى يعني تعذيبهم جزاء الظلم وجزاء مكرهم تحقيقا لعدل الله في الجزاء. (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ. وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ)